الوقت المقدر للقراءة 3 دقيقة

رُقع الإبر المجهرية بديل للحقن

رُقع الإبر المجهرية بديل للحقن
عدد كلمات المقال: 753 كلمة

في السنوات الأخيرة ازدادت الحاجة إلى الأبحاث حول رُقع الإبر المجهرية لإيصال اللقاح، بسبب امتثالها الاستثنائي وقلة توغلها.

على مدار الثمانية عشر شهرًا الماضية، اندهش العالم من السرعة التي استطاع بها العلماء تطوير لقاحات مرشحة لمواجهة فيروس كوفيد-19. تُؤخذ غالبية هذه اللقاحات عن طريق الحقن تحت الجلد، مما يسمح بمرور مكونات اللقاح بسرعة في مجرى الدم. ومع ذلك، يتطلب بعضها جرعات متعددة، ويجب أن يظل معظمها في درجات حرارة منظمة، وغالبًا ما تكون شديدة البرودة حتى تُعطى من قبل موظفين مدربين، مما يخلق تحديات لوجستية كبيرة.

يعمل العديد من الباحثين، بما في ذلك نحن، على تقنية تهدف إلى توفير مزايا اللقاحات القابلة للحقن دون عيوب – وبدون محقن الإبرة التقليدية: الإبر المجهرية.

في حين أن تكنولوجيا الطب السريري لا يزال أمامها طريق طويل، إلا أن إدراج التجارب البشرية منذ أقل من 10 سنوات، قد يكون هو مستقبل توصيل اللقاح، وقد أظهر الوباء المستمر الحاجة إلى تسريع تطوره.

بشكل أساسي تُوصل مجموعة من الإبر الدقيقة التي يبلغ قياسها مئات الميكرونات فقط إلى دعامة، مما يؤدي إلى نموذج يشبه الضمادة. يمكن تغليف الأدوية داخل إبر مجهرية قابلة للذوبان في الماء تذوب عند وضع اللصقة على الجلد، مما يسمح بإطلاق الدواء. الأهم من ذلك، أن الإبر الدقيقة تخترق الطبقة الخارجية من الأنسجة للسماح بامتصاص أكبر للأدوية مقارنة بالكريمات أو الأنواع الأخرى من اللاصقات الطبية مثل لاصقات النيكوتين، لكنها لا تخترق بعمق كافٍ لتحفيز مستقبلات الألم. يمكن استخدام اللصقة ذاتيًا وهي سهلة وغير مؤلمة مثل تناول حبة الدواء. 

إلا أن هذة الرقعة لها بعض القيود. نظرًا لأنها جهازًا طبيًا صغيرًا، فإن جرعة الدواء القصوى أقل من 1 مجم. ولكن بالنسبة للعلاجات التي لا تتطلب جرعات عالية، بما في ذلك اللقاحات (كل من اللقاحات القائمة على المستضد والجسيمات النانوية، مثل تلك المستخدمة في لقاحات الرنا المرسال mRNA ضد الكوفيد-19)، والهرمونات، والأدوية ذات الفاعلية المرتفعة، تعتبر الإبر المجهرية مثالية. بالإضافة إلى كونها سهلة الاستخدام، يمكن أن تثير الإبر المجهرية استجابة مناعية أكثر قوة. 

تتجاوز حقن اللقاح التقليدية جهاز المناعة في الجلد وتدخل المستضد في العضلات أو الأنسجة تحت الجلد، مما يؤدي إلى استجابة مناعية جهازية. إلا أن الجلد، وهو أكبر عضو لدينا، يتمتع أيضًا بقدرة مناعية رائعة نظرًا لوجود العديد من الخلايا العارضة للمستضد. من خلال توصيل المستضدات هناك، يمكن للإبر المجهرية الاستفادة من هذه الاستجابة الموضعية لتعزيز الحماية التي توفرها اللقاحات. في الواقع، تشير الدراسات التي أجريت على الحيوانات إلى أن الإبر المجهرية تؤدي إلى زيادة إنتاج الأجسام المضادة وتحسين الاستجابة الخلوية.

تذوب الإبر المجهرية القابلة للذوبان في الماء في الجلد لتحرير دواء مُمَحفظ.

علاوة على ذلك، نظرًا لأن تركبية المادة الفعالة بالإبر المجهرية جافة، فإنها تسمح للأدوية بالحفاظ على فعاليتها حتى بدون تخزينها في درجات الحرارة المنخفضة المطلوبة للعديد من اللقاحات القابلة للحقن. على سبيل المثال، أظهرت إحدى الدراسات أن لقاح الإنفلونزا يمكن أن يكون مستقرًا لمدة ستة أشهر عند 25 درجة مئوية وبضعة أسابيع على الأقل عند 40 درجة مئوية في حالة دمجه في الإبر المجهرية. يعتبر هذا أمرًا بالغ الأهمية من أجل ضمان وصول اللقاحات إلى المناطق النائية من العالم التي لا تملك الموارد اللازمة للحفاظ على سلسلة التبريد. 

هناك قضية أخرى و هي إهدار اللقاح. في بعض الحالات، يُستخدم جزء فقط من الجرعة قبل انتهاء صلاحية اللقاح. قد يحدث أيضًا أن يقرر موظفو الرعاية الصحية عدم تطعيم المريض عندما لا يكون هناك عدد كافٍ من المرضى لاستخدام القنينة بأكملها. وفقًا للتقديرات، قد تصل معدلات فاقد القنينات (التي تحتوي على 10 جرعات) إلى 25 في المائة للقاحات السائلة و40 في المائة للقاحات المجففة بالتجميد. لا يوجد هدر في الدواء في حالة استخدام رقع الإبر المجهرية، بالإضافة إلى ذلك لا توجد إجراءات خاصة للتخلص من الإبر المجهرية.

مازال يوجد الكثير من العقبات التي نتغلب عليها بعد. نحن بحاجة إلى مزيد من الدراسات السريرية على متطوعين بشريين لإثبات سلامة وفعالية نهج اللقاح هذا، ولا يزال توسيع نطاق الإنتاج في مهده. عند التحضير المعملي عادة ما نملأ القوالب بمحاليل البوليمر عن طريق التفريغ أو الطرد المركزي. بمجرد التجفيف، يُنزع المستحضر الدوائي من القوالب ويُثبت على دعامة. يعتبر هذا الإجراء مملًا وغير عمليًا للإنتاج بكميات ضخمة.

بالإضافة إلى ذلك، تُعقم غالبية التطعيمات عن طريق الترشيح، وهو أمر غير ممكن لبقع الإبر المجهرية الصلبة. يمكن تعقيم المحلول قبل وضعه في القوالب، بالإضافة إلى ذلك سيحتاج المنتج النهائي أيضًا إلى الخضوع للتعقيم بواسطة تقنية بديلة لم تُطور بعد. 

إن الوباء الأخير وإمكانية حدوث أوبئة أخرى هو دعوة للاستيقاظ للتركيز على هذه التحديات. في العام ونصف الماضيين، أعلنت العديد من المؤسسات وشركات التكنولوجيا الحيوية عن دراسات ما قبل السريرية للقاح سارس-كوفيد-2 باستخدام لاصقات إبرة مجهرية. من المؤكد أن شركات الأدوية الكبرى ستصعد وتستثمر أكثر خلال السنوات القادمة في المنتجات القائمة على الإبر المجهرية. اُستخدمت الحقن لعدة قرون، لكن ضرورة بذل جهود تحصين عالمية هي سبب مقنع لمحاولة المضي قدمًا.

مترجم عن: https://www.the-scientist.com/news-opinion/opinion-an-alternative-to-injection-69165

نهلة سلام

صيدلانية خريجة كلية الصيدلة جامعة المنصورة-مصر 2009، حاصلة على البورد الأمريكي في العلاج الدوائي.