الوقت المقدر للقراءة 3 دقيقة

الفُـروقُ بيْـنَ الجِنسَيْـن فِـي الإصَـابِة بالأمْـراضِ المُعْـديَــة

الفُـروقُ بيْـنَ الجِنسَيْـن فِـي الإصَـابِة بالأمْـراضِ المُعْـديَــة
عدد كلمات المقال: 721 كلمة

تواجه الكائنات المُسَّببَة للأمراض خصائص مختلفة للمُضيف – وتتضمن بعض الاختلافات الأساسية – العُمْر، والحالة الفيزيولوجية ، والحالة التغذوية والاستجابة المناعية. ومع ذلك، فإنَّ التباين الأكثر وُضوحًا الذي تواجهه الكائنات  المُسَّببَة للأمراض الممرضة هو جنس النوع المُضيف.

يختلف النساء والرجال في كثيرٍ من الجوانب. إنَّ الحقيقة المُثيرة للاهتمام هي أنَّ هذه الاختلافات لوحظت أيضًا في مدى احتمال التعرُّض لخطر الإصابة بالأمراض المعدية والاستجابة لها. مثالٌ معروفٌ جدًا على ذلك هو COVID-19. على الرغم من أنَّ COVID-19 يصيب كلا الجنسين بالتساوي، فقد لوحظ أنَّ الرجال أكثرُ عرضةً للوفاة جرَّاء الإصابة بالمرض. وينطبق هذا أيضًا على حالات التفشي (الفاشيات) التي تسببها المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (سارس) ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (ميرس).

يُعَّد التهاب الكبد الوبائي سي  مرضًا آخرَ يُسبب التهابات أكثر حدة لدى الرجال، في حين أنَّ حالات المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والتصلب المتعدد أكثر شيوعًا عند النساء.

لماذا يستجيب الرجال والنساء بشكل مختلف للأمراض المعدية؟

هناك عدة عوامل تؤدي إلى اختلاف استجابة النساء والرجال للأمراض المُعْديَّة، بعض الأسباب الشائعة هي:

  • الاختلافات في التعرض لمُسَّببَات الأمراض الشائعة
  • الاستجابات المناعية المُضادة لمُسَّببَات الأمراض
  • العوامل الهرمونية
  • العوامل الاجتماعية والسلوكية

الاختلافات في التعرض لمُسَّببَات الأمراض الشائعة

تعتمد الاختلافات في التعرض لمُسَّببَات الأمراض الشائعة إلى حد كبير على العوامل الثقافية، والاجتماعية والاقتصادية، والسلوكية، والهرمونية والمناعية.

ومن الأمثلة المعروفة عدوى فَيروسُ العَوَزِ المَناعِيِّ البَشَرِيّ من النوع 1 (HIV-1) التي تصيب النساء أكثر من الرجال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. وعلى العكس من ذلك، يُصيب السُّل والأمراض الطفيلية الرجال أكثر من النساء.

تُمثِّل الاختلافات في التعرض المهني سببًا للتفاوت بين الجنسين أيضًا. من المُرجح أن يضطلع الرجال بوظائف مثل التعدين والزراعة، مما قد يُعرضهم لخطرٍ مُتزايدٍ للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي والأمراض التي ينقلها البعوض، مثل الملاريا.

تًهيمن النساء على مجال التمريض في جميع البلدان تقريبًا، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالأمراض المُعدِيَة أثناء رعاية المرضى.

الاستجابات المناعية المُضادة لمُسَّببَات الأمراض

تشير الدراسات إلى أنَّ النساء لديهن استجابات مناعية فطرية وتَكَيُفيَة أقوى للعدوى الفيروسية أكثر من الرجال. يعد إنتاج الإنترفيرون المُعَّزَز، وزيادة تنشيط الخلايا التائية، وزيادة الأهبة للإصابة بأمراض المناعة الذاتية  بعضًا من أسباب هذه الاختلافات في الاستجابات المناعية.

ترتبط النساء أيضًا بزيادة خطر تطور المرض مثل عدوى فَيروسُ العَوَزِ المَناعِيِّ البَشَرِيّ، والتي تتطور من خلال تفاعلات الجهاز المناعي. يتطور الإيدْز (مُتَلازِمَةُ العَوَزِ المَناعِيِّ المُكْتَسَب) الناجم عن الإصابة بفَيروسُ العَوَزِ المَناعِيِّ البَشَرِيّ، بشكلٍ أسرعَ لدى النساء مُقارنة بالرجال. لقد اكتُشِف أن النساء المصابات بفَيروسُ العَوَزِ المَناعِيِّ البَشَرِيّ، لديهن تنشيط أعلى للخلايا التائية وأقوى لإشارات المُستقبلات الشبيهة بالناقوس أو الجرس (TLR7) من الذكور الذين لديهم نفس الحِمْل الفيروسي .

هناك أيضًا اختلافات بين الجنسين في الاستجابة للقاح. تُظهِر الدراسات أنَّ النساء يُطوِّرْنَ استجاباتٍ أعلى للأجسام المُضادة ويُظْهِرْن فعَاليةً أكبر للقاح من الذكور.

العوامل الهرمونية

تُعَّد الهرمونات الجنسية مثل هرمون الإستروجين، والبروجسترون والأندروجينات مسؤولةً عن الاختلافات في الأهْبة للإصابة بالمرض، وتطوره والاستجابة للعلاج بسبب التنظيم التبايُني للاستجابات المناعية.

تتحكم الهرمونات الجنسية في نسخ الجينات الضرورية لتطور جهاز المناعة ونضجه، وتنظيم الاستجابات المناعية وتعديل مسارات الإشارات المناعية.

العوامل الاجتماعية والسلوكية

تعتمد الفروق بين الجنسين في الإصابة بالأمراض المُعدية على مجموعة من المُتغيرات الاجتماعية والاقتصادية أيضًا، لا سيما في البلدان ذات التنَوُع العِرْقي الكبير وعدم المساواة في الدَخْل.

ففي بعض البلدان، يحظى الذكور بقَدْرٍ أكبر من الاحترامٍ والأهمية من الإناث. يؤدي تفضيل الطفل الذكر إلى اختلافاتٍ بين الذكور والإناث في الأنشطة الصحية الأساسية مثل النظام الغذائي والتمنيعات (التطعيمات)، مما يؤثر على درجة مقاومة الأمراض المعدية.

ويُمكن لبعض السلوكيات المتعلقة بالجنس أن تزيد من خطر الإصابة بالأمراض المُعديَة أيضًا. والتدخين مثال مشهور. في العديد من المناطق، يُلاحظ سلوك تدخين أعلى لدى الذكور منه لدى الإناث. يميل هذا الاتجاه للانتشار بشكلٍ أكبر في دول غرب المحيط الهادئ ومناطق جنوب شرق آسيا. يرتبط التدخين بزيادة المخاطر للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي المُعدية مثل الأنفلونزا والسُّل، وزيادة معدلات الوفيات الناجمة عن الإصابة بها.

التحيز الجنسي في البحث السريري

تُعَّد الاختلافات بين الجنسين تحدٍ كبيرٍ في الدراسات السريرية أيضًا. وفقًا للدلائل الإرشادية التنظيمية، يتم استبعاد النساء في سن الإنجاب من التجارب السريرية المُبكرة مثل المرحلة الأولى منها. وبناءً على هذه التوصية، تمت الموافقة على العديد من العلاجات بناءً على البيانات المُسْـتَقاة من الدراسات السريرية التي أجريت على الرجال فقط.

ملخص

تؤثر الآليات المُعْتَمِدَة على الجنس على الأهبة للإصابة بالمرض ودرجته وخامته (شدته) والاستجابة للعلاج. ومن ثمَّ، فإنَّ أخذ كلا الجنسين بعين الاعتبار في أبحاث الأمراض المُعديَة أمرٌ ضروري. وبالتالي، فهناك ما يُبرر إجراء المزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بين الجنسين والأمراض المُعديَة.

كما يمكن أن يساعد الفهم الأفضل لهذه العلاقات والآليات المختلفة المعنية في الوقاية من الأمراض المُعديَة وتحسين الصحة العامة.

** رابط المقال الأصلي: https://www.news-medical.net/health/Sex-Differences-in-Infectious-Diseases.aspx

سعد شبير

خريج كلية الصيدلة - جامعة الأزهر/ غزة سنة 2006، مارس العمل في عدة صيدليات خاصة، ثم اتجه إلى ممارسة الترجمة الطبية والعلمية، تعاون مع عدة مراكز ودور نشر وشركات للترجمة.