الوقت المقدر للقراءة 4 دقيقة

مَا هِيَّ الأرَجِيَّـات (حَـالاتُ الحَسَـاسِيَّـة)؟

مَا هِيَّ الأرَجِيَّـات (حَـالاتُ الحَسَـاسِيَّـة)؟
عدد كلمات المقال: 1,079 كلمة

يشتمل مصطلح الأرّجِيَّـة على مجموعة واسعة من الحالات؛ إنها ليستْ مرضًا في حدِّ ذاتِها. تحدث الأرجية عندما يغدو الجهاز المناعي للجسم مُفرط النشاط تجاه مادة ما قد تكون غير ضارة في حد ذاتها، تسمى المُسْتأْرِج (مُسَّبِب الحَسَاسية).

تُدعى المواد الخارجية التي تثير الحساسية بالمُسْتأْرِجات (مُسببات الحساسية). قد يحدث التعرض عند استنشاق المادة المسببة للحساسية أو ابتلاعها أو حقنها أو ملامستها للعينين أو المسالك الهوائية أو الجلد. لا تكون الاستجابة المناعية بسبب الطبيعة الضارة لمُسببات الحساسية، ولكن بسبب التعرف الخاطئ على المادة على أنها ضارة.

جهاز المناعة هو جزء من الجسم ويتكون من خلايا ومواد كيميائية تعمل معًا للحفاظ على الجسم خاليًا من العوامل الضارة مثل العداوى (جمع عدوى).  بعض الأشخاص، قد يحدث هذا التفاعل بسبب حبوب اللقاح وبعض الأطعمة وبعض الفطريات التي تُدعَى العفن وسوس (عث) الغبار ولسعات الحشرات.

تُعَّد أي مادة يتعرف عليها الجهاز المناعي مُسْتَضِدًا. في حالة الأشخاص الذين يعانون من الحساسية، يتم التقاط المواد المُسببة للحساسية بواسطة خلايا معينة تسمى الخَلايا المُقَّدِمَة للمُستَضِد، والتي تعالجها وتسمح بالتعرف عليها وتنبيه جهاز المناعة الفِطْري (السَلِيقيّ) لوجودها.

يؤدي هذا إلى تنشيط أي خلايا ليمفاوية جائلة (نوع من الخلايا المناعية) تلتصق بهذه الخلايا المُقَدِّمة للمُستَضِد. في الأشخاص غير المصابين بالحساسية، عندما تدرك الخلايا الليمفاوية البائية أنها وجدت للتو مستضدًا غريبًا، فإنها تعود إلى العقدة الليمفاوية الأقرب لموقعها الحالي وتتحول إلى خلية بلازمية.

تُعَّد الخلايا البلازمية  مصانع للأجسام المضادة. لقد تمَّ إعدادُها لإنتاج كميات هائلة من الغُلُوبُلِينٌ المَنَاعِيّ E (IgE) النوعية المصممة لتثبيتها على المُسْتَضِد المُحدد الذي صادفته الخلية اللمفاوية البائية. وبالتالي فإنَّ الخلايا الليمفاوية البائية المُنَّشَطة تُطلق في النهاية طوفانًا من الأجسام المضادة (IgE) المُحددة التي تلتصق بأيٍّ من الخلايا البدينة  أو الخلايا القاعدية المُنتشرة التي تلتقيها.

عندما يلتقي هذا المُعَّقَد بخلية مناعية تقدم نفس المُسْتَضِد، فإنه يتم تثبيته بقبضة موت ثلاثية الاتجاهات، بينما تفتح الخلايا القاعدية أو الخلايا البدينة حويصلاتها من الوسائط الالتهابية مثل الهيستامين.

والنتيجة هي ظهور الأعراض الكلاسيكية للحساسية. وتشمل انسداد الأنف أو سيلانه، والعطس العنيف، ومشاكل التنفس بسبب تورم المَسْلك الهوائي، والتهاب الجيوب الأنفية، والتهاب المعدة والغثيان، والطفح الجلدي والحكة.

لا تكمن المشكلة هنا في الاستجابة المناعية نفسها، بل في أنَّ الجهاز المناعي للفرد المُصاب بالحساسية لا يمكنه التمييز بين البروتين الغريب الضار وغير الضار. هذا هو السبب في أن هؤلاء الأشخاص يتفاعلون بعنف مع المُسْتَضِدات غير الضارة حقًا.

إنَّ المثير للفضول في العديد من أنواع الحساسية هو أن التعرض الأول لا يسبب أي رد فعل. ما يحدث هو أن الشخص يصبح حساسًا – يُحاط الجهاز المناعي علمًا بالجزيء الغريب أو المُسبب للحساسية ويبدأ في تصاعد استجابته العدائية، وكلها جاهزة للمواجهة التالية.

تتحول بعض الخلايا البلازمية التي تكونت من أول خلية ليمفاوية B التي استجابت للمستضد إلى خلايا ذاكرة تحافظ على الذاكرة طويلة المدى للمُسْتَضِد. في المرة التالية التي يصادف فيها الشخص هذا المُسْتَأرِج (الشيء المسبب للحساسية) حتى في حالة التعرض البسيط، يحدث رد فعل تحسسي على شكل إنتاج سريع للأجسام المضادة النوعية على نطاق واسع ضد المُسْتَضِد الذي تمت مواجهته.

في بعض الحالات، تأخذ الحساسية شكلاً مُهَّدِدًا للحياة، مع انتفاخ الشعب الهوائية لدرجةٍ تمنعُ عمليًا تدفق الهواء، وتتوسع الأوعية الدموية كثيرًا حتى ينخفض ​​ضغط الدم بشكل حاد، وقد يتقيأ الشخص أو يغمى عليه.

تُبْدي معظم الأرَجيات الأعراض أولاً على الجلد والمسالك الهوائية والأغشية المخاطية والأمعاء، بسبب إطلاق الهيستامين من الخلايا البدينة في هذه المناطق. بينما تبدأ الأعراض عادةً على الفور بشكلٍ نموذجي، قد يستغرق الأمر ساعاتٍ أو أيامًا قبل حدوث التحسس لدى بعض الأفراد.

تُدعى الأرجية  فرط الحساسية أيضًا، ولكن لا تعتبر جميع أنواع فرط الحساسية أرجية. على سبيل المثال، يحدث عدم تحمل الحليب بسبب غياب أو نقص إنزيم يسمى اللاكتاز الذي يُكسر سكر الحليب (اللاكتوز).

نتيجة لذلك، يتراكم هذا السكر في الأمعاء، مما يوفر أرضًا خصبة للبكتيريا المختلفة، والتي تسبب الأعراض النموذجية للتشنجات البطنية، وتطَبُّلُ البَطْن (انتفاخ البطن)، والإسهال بسبب النواتج الثانوية السامة للنشاط البكتيري المُفرط.

تاريخ الأرجيات (حالات الحساسية)

في العام 1906، كان كليمنس فون بيركيه أول من وصف الأرجيات (حالات الحساسية) بأنها رد فعل متغير أو مُشَّوَه لجهاز المناعة استجابةً للتعرض للبروتينات الغريبة. في الوقت الحاضر، يُستخدَم المصطلح للإشارة إلى رد فعلٍ مُبالغٍ فيه للمواد الغريبة.

ما مدى شيوع الأرجيات (حالات الحساسية)؟

الحساسية شائعة جدًا. يعاني حوالي ربع الأشخاص في المملكة المتحدة من الحساسية في وقت ما من حياتهم، والعديد منهم من الأطفال.

هذا الرقم آخذٌ في الارتفاع، بسبب ارتفاع مستويات التلوث بشكل متزايد، وربما أيضًا بسبب الهَوَس بالنظافة الذي يحرم جهاز المناعة الناشئ من فرصةٍ التدرب على استخدام أسلحته ضد مستضدات ضارة حقًا.

نتيجة لذلك، يبدأ في مهاجمة كل مادة غريبة يراها، سواء كانت مُحايدة أو صديقة أو مُعَادِيَّة. يُطلق على هذا اسم فرضية النظافة وقد وُجد عددًا لا بأس به ما تم تدوينه على مدار العقود الماضية.

ثمة عامل آخر مُحتمل في زيادة الحساسية لدى عامة الناس وهو وجود التأتب. إنَّ التأتب هو الميل الوراثي لتطوير ردود فعل تحسسية مثل التهاب الأنف التحسسي والربو والتهاب الجلد التأتبي أو الإكزيما، لدى الأفراد الذين يتفاعلون بشكل مُفرط مع مُسببات الحساسية التي يتم استنشاقها أو مستأرجات الطعام.

إنَّ الحساسية ومضاعفاتها باهظة الثمن. وفقًا لمؤسسة الربو والحساسية الأمريكية (2002)، تُعَّدُ الحساسية أكبر سادس سببٍ للأمراض المزمنة في الولايات المتحدة. تُقَّدَر تكلفة الحساسية السنوية بنحو 18 مليار دولار.

أنواع المُسْتأْرِجات (مسببات الحساسية)

عادة ما تكون المواد المُسببة للحساسية التي قد تكون مُهددة للحياة لدى الأفراد المُصابين بالحساسية غير ضارة في الأفراد غير المُصابين بالحساسية. تشتمل مُسببات الحساسية الشائعة على ما يلي:

  • نمو جراثيم العفن في الأماكن الرطبة
  • سوس (عث) الغبار المنزلي
  • حبوب لقاح العشب والأشجار
  • شَعْر الحيوانات الأليفة أو الرقائق الجلدية
  • المُستأرجات الغذائية، خاصة من المُكسرات والأسماك والمَحار وفول الصويا والبيض

تشتمل مسببات حساسية الجلد أو مسببات الحساسية التلامسية على:

  • اللاتكس
  • النيكل
  • المطاط
  • المواد الحافظة
  • الصبغات مثل صبغات الشعر

تتضمن مسببات الحساسية الأخرى لسعات النحل أو الدبابير، وأدوية مثل المُضادات الحيوية من نوع السلفوناميدات والبنسلينات، و الأسبرين ومثبطات البروستاجلاندين، وبعض أدوية التخدير.

تشخيص الأرجيات (حالات الحساسية)

في حين أنه من السهل تشخيص وجود الحساسية، فإنَّ العثور على السبب يُعَّد أكثر تعقيدًا. ويتم إجراؤه عادةً باستخدام اختبار وخز الجلد، أو اختبار مسببات الحساسية، حيث يتم حقن كميات صغيرة من مسببات الحساسية المُتعددة المُحتملة في الجلد، غالبًا في الظهر أو الذراع.

قد يشير وجود تورم تحسسي حول أيِّ وخزٍ إلى وجود حساسية تجاه تلك المادة. يتم أيضًا إجراء اختبار الرُّقْعَة للأرجيات البطيئة، واختبارات الدم، وكذلك اختبارات التحريض (الإثارة) في المواقف التي تتطلب ذلك.

علاج الأرجيات (حالات الحساسية)

إنَّ أفضل طريقة للتعامل مع الحساسية هي الوقاية منها عن طريق تجنب التعرُض لمُسببات الحساسية المُحتملة أو المُثبتة. على سبيل المثال، تنظيف المنزل للتخلص من سوس (عث) الغبار والأبواغ الفطرية، وإبقاء النوافذ مغلقة في موسم حبوب اللقاح، وإزالة الرطوبة من الهواء لمنع تراكم العفن، يمكن أن يساعد في منع الأرجيات (حالات الحساسية) المنزلية.

في حالة حدوث حساسية، يتم استخدام مُضَادّات الْهِسْتَامِين و الستيرويدات لمنع أعراض النوبة، لكنها لا تستطيع علاج الأرجية (حالات الحساسية) نفسها.

** https://www.news-medical.net/health/What-are-Allergies.aspx

سعد شبير

خريج كلية الصيدلة - جامعة الأزهر/ غزة سنة 2006، مارس العمل في عدة صيدليات خاصة، ثم اتجه إلى ممارسة الترجمة الطبية والعلمية، تعاون مع عدة مراكز ودور نشر وشركات للترجمة.