الوقت المقدر للقراءة 4 دقيقة

قد توقف اللقاحات عبر الأنف انتشار فيروس كورونا بشكل أكثر فعالية من الحقن في الذراعين.

قد توقف اللقاحات عبر الأنف انتشار فيروس كورونا بشكل أكثر فعالية من الحقن في الذراعين.
عدد كلمات المقال: 979 كلمة

قد نحتاج إلى جرعة جيدة عبر الأنف من أجل التغلب على الكوفيد.

  • بقلم دانيال ب.أوران، إريك توبول، 1 مارس 2021
    • يعد تطوير لقاحات الكوفيد عالية الفعالية في أقل من عام انتصارًا استثنائيًا للعلم. لكن ظهرت سلالات متعددة من فيروس كورونا يمكنها أن تتجنب جزئيًا على الأقل الاستجابة المناعية التي تحدثها اللقاحات. يجب أن تمثل تلك السلالات تحذيرًا ضد التقاعس – وتشجعنا على البحث عن نوع مختلف من اللقاح، والذي يُعطى على هيئة بخاخ عبر الأنف. قد توفر اللقاحات عبر الأنف درجة إضافية من الحماية، وتساعد في الحد من انتشار الفيروس.

تُحقن اللقاحات المرخصة حاليًا في العضلة أعلى الذراع. تعمل التطعيمات عبر آليات متنوعة عن طريق محاكاة عدوى فيروس كورونا. يحشد الجهاز المناعي الأجسام المضادة والخلايا التائية لمحاربة هذا الهجوم المدرك وبالتالي عند الإصابة الفعلية بفيروس كورونا، يكون الجهاز المناعي مستعدًا بدفاع قوي.

قد يكون هذا النهج فعالاً بشكل كبير في تقليل خطورة المرض. ومع ذلك، إن سلالات فيروس كورونا الجديدة المثيرة للقلق لديها القدرة على القضاء فعليًا على تلك الفعالية المدهشة.

على سبيل المثال، هناك طفرات في سلالة واحدة يطلق عليها B.1.351، أدت إلى قلة فعالية ما لا يقل عن ثلاثة من اللقاحات الحالية، وذلك بناءً على بيانات من التجارب السريرية. كما ارتبطت سلالة منفصلة، تسمى B.1.1.7، بإمكانية انتقال أكبر بنسبة تزيد عن 40 في المائة، ومعدل وفيات أعلى بنسبة 30 في المائة تقريبًا، وفترة أطول للعدوى. يمكن أن تفسر هذه الخصائص الذروة في حالات الكوفيد، وحالات دخول المستشفى، والوفيات التي حدثت في المملكة المتحدة وأيرلندا والبرتغال.

على الرغم من أن اللقاحات المحقونة تقلل من حالات الكوفيد المصحوبة بأعراض، وتحد من شدة المرض بشكل كبير، إلا أنها لا تزال تسمح بالعدوى غير المصحوبة بأعراض. لذلك قد يشعر الشخص بصحة جيدة، لكنه في الواقع يحمل الفيروس ويستطيع نقله إلى الآخرين. والسبب هو أن فيروس كورونا يمكن أن يستقر مؤقتًا في الغشاء المخاطي – (الأسطح الرطبة التي تفرز المخاط في الأنف والحلق) والتي تكون بمثابة خط دفاعنا الأول ضد الفيروسات المستنشقة. أشار بحث أُجري على حيوانات المختبر إلى أن عدوى فيروس كورونا يمكن أن تبقى في الأنف حتى بعد هزيمتها في الرئتين. هذا يعني أنه قد يكون من المحتمل انتشار فيروس كورونا بعد التطعيم.

أدخل اللقاح عبر الأنف ثم قم باستنشاق الرذاذ، حيث استبدلت الإبرة والمحقنة ببخاخ يشبه بخاخ مزيل احتقان الأنف إلى حد كبير. صُممت اللقاحات عبر الأنف لتعزيز الدفاعات المناعية في الغشاء المخاطي، مما يؤدي إلى إنتاج الجسم المضاد المعروف باسم الغلوبولين المناعي A، والذي يمكنه منع العدوى. تلك الاستجابة الساحقة، التي يطلق عليها مناعة التعقيم، تقلل من فرصة انتقال الفيروس للأشخاص.

لقد رأينا هذه الأحداث من قبل. بدأ حقن أول لقاح ناجح ضد شلل الأطفال، طُور بواسطة جوناس سالك ورُخص للاستخدام عام 1955. كذلك مثل لقاحات فيروس كورونا الحالية، قلل اللقاح إلى حد كبير من خطر الإصابة بالمرض، لكنه لم يمنع العدوى بشكل دائم.

ينتشر فيروس شلل الأطفال عن طريق الطعام أو الماء الملوث بالفضلات البشرية. يدخل الفيروس الجسم من خلال الغشاء المخاطي للأمعاء، ثم يصيب الجهاز العصبي، حيث يمكن أن يسبب الشلل. في عام 1960، قدم ألبرت سابين لقاحًا جديدًا لشلل الأطفال، والذي يحتوي على شكل ضعيف من فيروس شلل الأطفال، بدلاً من الفيروس المعطل تمامًا في لقاح سالك. لكن الاختلاف المذهل أن لقاح سابين كان يمكن ابتلاعه، على شكل مكعب سكر أو سائل. بهذه الطريقة، كان يتلامس مباشرة مع الغشاء المخاطي في الأمعاء. مما جعله أكثر فعالية من لقاح سالك في منع عدوى فيروس شلل الأطفال.

لذلك هناك سابقة لتصميم لقاح يقوي دفاعاتنا المناعية في الخطوط الأمامية. يعتبر ذلك صحيحًا بالنسبة لفيروسات الجهاز التنفسي وكذلك بالنسبة للفيروسات المعوية. لدينا لقاحات الإنفلونزا، على سبيل المثال، لأنه قبل تفشي مرض السارس في عام 2003 – بسبب فيروس كورونا المستجد أيضًا – كان فيروس الجهاز التنفسي الأكثر تخوفًا من قدرته على إحداث جائحة هو الأنفلونزا. أودت جائحة الإنفلونزا عام 1918 بحياة 50 مليون شخصًا في جميع أنحاء العالم. على الرغم من أن لقاحات الأنفلونزا الحالية المحقونة أكثر شيوعًا، إلا أن الإصدارات عبر الأنف موجودة ولها تاريخ طويل. اُستخدمت لقاحات الأنفلونزا عبر الأنف لأول مرة في الستينيات في الاتحاد السوفيتي سابقًا، وقد أثبتت فعاليتها. تُصنع حاليًا في الولايات المتحدة والهند.

ومع ذلك، من بين المئات من اللقاحات المرشحة لفيروس كورونا في مراحل مختلفة من التطوير حول العالم، هناك جزء صغير فقط من اللقاحات عبر الأنف. حتى الآن، لم يتلقوا دعمًا حكوميًا واسع النطاق. لكن جهود التطوير والبحث المبكرة التي ركزت على مسار الغشاء المخاطي تبدو واعدة.

 في دراسة أجريت على حيوانات المختبر، أدى لقاح تجريبي عبر الأنف ابتكره علماء في كلية الطب بجامعة واشنطن إلى استجابة مناعية قوية في كل من الغشاء المخاطي وبقية الجسم، مما يؤدي إلى منع العدوى بالكامل تقريبًا. كما أوضحت دراسة حيوانية أخرى الدور الهام للغشاء المخاطي في منع العدوى. طور الباحثون بخاخ عبر الأنف مما يجعل من الصعب على فيروس كورونا الالتصاق بالخلايا البشرية. يستخدم اللقاح بشكل يومي، مما يجعله قادرًا على منع انتقال الفيروس تمامًا. وصلت أربعة لقاحات عبر الأنف على الأقل إلى المرحلة الأولى من الاختبار السريري مع الأشخاص، في الصين والهند والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

 لدي اللقاحات عبر الأنف بعض المزايا العملية أيضًا. حيث أن بخاخ الأنف غير مؤلم، على عكس الحقن. قد يؤدي عدم وجود إبرة إلى تهدئة مخاوف المترددين إلى الآن في أخذ اللقاح. كما يمكن أيضًا إعطاء اللقاح عبر الأنف ذاتيًا في المنزل، بأقل قدر من التعليمات. وبعض اللقاحات التي يُجرى اختبارها الآن عبر الأنف لا تتطلب الحفظ مبردةً، مما يجعلها سهلة النقل والتخزين، خاصة في البلدان ذات الموارد المنخفضة.

ستصبح كل هذه العوامل أكثر أهمية إذا كان هناك حاجة إلى لقاحات معززة دورية لحمايتنا من السلالات المستجدة من فيروس كورونا. يعتبر إرسال بخاخ الأنف إلى شخص ما أكثر ملاءمة بكثير من ترتيبات الحقن لكل شخص على حده.

سنضع جائحة الكوفيد تحت السيطرة عندما ننجح في تقليل انتشار فيروس كورونا إلى مستويات منخفضة للغاية. لكن وجود الأشخاص الملقحين حاملي الفيروس بدون أعراض قد يجعل هذا الأمر صعبًا للغاية. لذلك السبب، يبدو أنه من الضروري أن تشمل الاستثمارات الجديدة في أبحاث اللقاحات وتطويرها تمويلًا كبيرًا للقاحات عبر الأنف.

 تعتبر اللقاحات عبر الأنف رهانًا ذكيًا بسبب قدرتها على منع عدوى فيروس كورونا – بالإضافة إلى عدد أقل من متاعب التوزيع والإعطاء. لذلك حان الوقت لجعلها أولوية، وتسريع تطويرها.

مترجم عن: https://www.scientificamerican.com/article/to-beat-covid-we-may-need-a-good-shot-in-the-nose/

نهلة سلام

صيدلانية خريجة كلية الصيدلة جامعة المنصورة-مصر 2009، حاصلة على البورد الأمريكي في العلاج الدوائي.