الوقت المقدر للقراءة 4 دقيقة

الجدول الدوري للعناصر الكيميائية و معضلة التعريب

الجدول الدوري للعناصر الكيميائية و معضلة التعريب
عدد كلمات المقال: 961 كلمة

اكتشف العالم أول جدول دوري للعناصر الكيميائية , و كان أوّل من وضعه هو الروسي الصربي المولّد ديمتري مندليف, و هو يحتوي اليوم و بعد اكتشاف عناصر جديدة على جميع العناصر الكيميائية المعروفة و بالحديث عن العناصر الكيميائية و عن أسمائها ما هي إسهامات العرب في التسميات أو كم تبلغ نسبة أسماء العناصر باللغة العربية؟ لمعرفة الجواب من الضروري أن نعرف العدد الكلي للعناصر ثمّ نحدد الأسماء العربية و بعد ذلك نحسب النسبة من المئة بعملية القاعدة الثلاثية البسيطة لنلقي نظرة بلغة الأرقام و كشف النقاب عن الأسماء العربية في الجدول الدوري للعناصر الكيميائية.

يحتوي الجدول الدوري على عدد إجمالي من 118 عنصر منها 10 أسماء عربية تحديدا إذا اعتبرنا الزرنيخ عربي – و الحقيقة أنّه معرّب- و ترقى إلى 11 بوضع التوتياء المصطلح العربي بدل الزنك .

و للتذكير المعمول به في الكتب العلمية العربية أن يذكروا الكربون باللاتينية و الصحيح أنّ الكاربون هو الفحم بالعربية.

و عودة إلى لغة الأرقام لتعيين نسبة العربية و التعريب في عناصر الجدول الدوري فهي كالآتي : 10*100/118 فتكون النتيجة هي 12 من 100, و فيما يلي الأسماء العربية,1-الحديد 2-النحاس 3-الفضة 4- الذهب 5-الزئبق 6-التوتياء 7-الفحم 8-القصدير 9-الرصاص 10-الزرنيخ 11-الكبريت.

إذن تنتهي نسبة تعريب الجدول الدوري عند حدّ 12 من 100, فأين 88 من 100 المتبقية و أين وعود تعريب العلوم.

وُضع أوّل جدول ابتدءا من سنة 1869 م و اليوم نحن في العام 2021 م أي بعد 158 سنة أين باقي الأسماء العربية و أين هو عمل و مردود المجمّعات و مراكز و هيئات التعريب؟ أتعجز العربية أو يعجز الآلاف من المترجمين بكل هياكل و وسائل العمل عن إضافة مصطلح واحد لتغير خارطة التعريب؟

اكتشف جابر بن حيّان حمض النتريك و بطبيعة الحال ليس هذا هو الإسم الذي أطلقه و السؤال أين ضاع المصطلح العربي, من الممكن جدّا أن يكون قد أُتلف عندما أنشأ الغربيون معهد ترجمة الكنوز العربية 1085 م و منها ما كان يعرف بعلم الصنعة و هو الكيمياء اليوم و كان أكبر مسهم فيه جابر بن حيان, و حتى اليوم نعرف مثلا أنّ جابر بن حيان أطلق مصطلح : زيت الزجاج على حمض الكبريتيك, فهل نحن اليوم أمام مصطلحين عربيين أو تغير اصطلاحي؟

و إذا كان عدد العناصر 118 و الأسماء العربية 11 فيعني أنّ 107 عنصر هي بلغة العجم, و إذا أتينا إلى معضمها وجدناها تنتهي بالحرف – ــوم و هي اللّاحقة المعدنية للعناصر الكيميائية – و هنا يُطرح سؤال هل طرحنا إشكال هذا الجزء من الكلام و تسائلنا عن مقابله باللغة العربية و بنينا مصطلحات على هذا النّسق .مثل الراديوم ثمّ ــن مثل التنغستين و أسماء أخرى تعدّ على الأصابع و هي : المنغنيز و الكوبلت و النيكل البزموث و الفلور و اليود و الكلور أي 07 و الظاهر إذا أردنا تشريع الأصول في التسميات و نسبتها و إلحاقها إلى لغتها الأصلية وجدنا أنّ 100 عنصر وُضعت باللّغة اللّاتينية أو الإغريقية و لكن ببعض من البحث وجدت أنّ الأسماء و المصطلحات مستمدّة من اليونانية و اليونانية القديمة و الفرنسية و اللإنجليزية و الإنجليزية القديمة و الإيطالية و الألمانية و السويدية .

و من الفائدة أن نذكر عنصر Borax و تذكر المصادر الغربية أنّ أصلها من كلمة البورق العربية.

و أعود إلى اللاحقة ium التي تميز معظم أسماء العناصر الكيميائية حيث كانت من إقتراح السويدي : بيرزيليوس سنة 1811 وأود الإشارة إلى أنّ أصول الكلمات المتفق عليها وضعت أسسها و اعتمدت بين القرن 17 و 19 و يبدو أنّ ثمّة سبب يخفى على الكثيرين و هو محلّ بحث يتعلّق باعتماد مصطلحات مشتقّة من لغة ميّتة و هو ما يجعلها عصيّة عن النقل و الترجمة و هذه مسألة تحتاج إلى بسط-. كما اسلفت اقترح هذا الأخير نظاما لتسمية العناصر الكيميائية ذات الأصول المعدنية.

مهما يكن و بعيدا عن كل نقد أقول أنّ التعريب ممكن و بصفة كلية و من اليسير أن يتناول جمع من الكيميائيين العرب من مختلف الأقطار العربية البارزين في الترجمة و نقل العلوم لنقل و ترجمة الجدول بصفة نهائية.

تحتوي العربية على أوزان موافقة لبعض التراكيب اللاتينية من حيث الصوتيات الموافقة و هذا بحث يحتاج مقام آخر و لكنّه في ذات السياق.

فكلمة الأليمنيوم من الألومين اللّاتينية و تعني المُرّ و أصلها من المذاق المُرّ لحجر الألون و هو حجر الشبّ و في لسان العرب الشبّ حجر أبيض أجوده من اليمن و له بصيص شديد و هذه هي الصفة التي لأجلها و عليها بنى التسمية الغربيون عند وضع اسم لهذا المعدن فهل يمكن أن يجتهد أعضاء المنضمات العربية مجموعات و أفراد , أليس من الممكن أن نطلق على الألمنيوم البُصَيْص أو المرير…الشُبّون؟

من أسماء العناصر مثلا: الكوبالت من الألمانية كوبولد و معناها روح شريرة أو عفريت و السبب في تسمية هذا العنصر بالمارد أو العفريت -كوبلد- إذ أنّ الأسطورة الألمانية تذكر أنّ استخراج و تحويل المعدن كان عصيّا و شبه مستحيل بالطرق الاعتيادية و السبب في اعتقادهم من عمل العفريت الذي يسكن الجبل و المنجم…

و عودة إلى الذرّة باعتبارها مدار الرحى في مسألة العناصر في الجدول الدوري , و هي تتكوّن من إلكترونات و بروتونات و نيوترونات و نواة مدارات فإذا أحصينا عدد المصطلحات المذكورة وجدناها 05 أي كلمتين عربيتين من أصل 05 أي نسبة 40 من المئة .

و الغريب أنّ هناك ترجمة للكوارك إذ يُذكر أنّ الكوارك هو الرِكّين – نسبة إلى الرُكن- و هو جسم أوّلي و أحد مكونين الأساسيين للمادّة في نظرية النموذج القياسي لفزياء الجسيمات , فأين اعتماد هذه الترجمة و تداولها في الأوساط العلمية و كلمة ضُويئ التي تقابل الفوتون لماذا تُهمل و لا تُدرج؟

البروتون في معجم المعاني أُعطي معنى فطحل و أُويْل و المصطلح الأخير أجود لأنّ برو من بروتون تعني ما يسبق و ما يكون قبلي…

و تذكر المصادر الغربية أنّ مصطلح نيوترون من الإنجليزية بمعنى الحايد – الحائد- أو المحايد, لا أظنّ أنّه توجد غربة في المصطلحات العربية الموافقة للمعنى العلمي و المبنى القياسي.

الحقيقة يوجد الكثير ليقال في هذه المسألة فالمصطلحات العلمية متشابكة و لكنّ الترجمة و التعريب قضيّة تستحق العمل و الجهد و كما أذكر مرارا ليس فقط وضع المصطلحات بل يتعدّها إلى التنسيق و التعميم و الإدراج و المتابعة و التعميم.

بولشراب سمير

مترجم، ومهتم بعلوم اللغة واللسانيات