الفونيم و المورفيم
بسم الله
يعتبر مصطلح ” الفونيم” من أهم المصطلحات اللسانية الحديثة في الغرب, وقد ألقى بظلاله على الدراسات اللّسانية في الوطن العربي.
انتقل هذا المصطلح إلى دي سوسر بعدما استعمله أوّل مرّة دوفريش ديزجنت, وكان بديلا عن المصطلح الذي لا يزال مستعملا و هو – صوت لغوي- رفضه البعض من علماء اللّغة الغربيين وقبله آخرون ومن مؤيدي هذا المصطلح من رأى فيه أنّه يماثل اكتشافا نوويا وهو ثورة في اللّسانيات.
دخل هذا المصطلح إلى المؤسسات اللّسانية و اللّغوية العربية كما هو الحال بالنسبة لباقي بلدان العالم, إلاّ أنّ الاضطراب في تعريفه و كونه مصطلحا فضفاضا يدعو إلى التفكير عمّا إذا كان له مقابل في المصطلحات التراثية للسان العربي , وقبل عرض ما يمكن أن يقابله في التراث اللغوي و اللساني العربي يجدر بنا تقديم موجز لأهم تعريف واصطلاح تمّ في الوطن العربي حول هذا الوافد اللساني إن صحّ التعبير.
الفونيم: هو أصغر وحدة صوتية تؤدّي إلى تغير في المعنى. والحقيقة أنّها لا تتعدّى كونها أصوات الحروف المستعملة في الكلام وهي أصوات حروف المباني مع بعض الإضافات.
يذكر اللّسانيون الفرنسيون أنّ لغتهم تحتوي على 36 فونيما.
أمّا العربية فتضمّ 33 صوتا تنتظم منها القراءة وهنا نصل إلى التراث اللّغوي العربي حيث يذكر الإمام أبي الأصبغ السماتي الإشبيلي المعروف بابن الطحّان والمتوفّى بعد سنة 560 هــ أنّ الحروف التي تدور عليها القراءة وتنتظم منها التلاوة هي 33 حرفا ( أي 33 فونيما بالمعنى الحديث) فالفونيمات في العربية ليست إلاّ ألفاظ لأصوات حروف المباني التي تُبنى منها الكلمات العربية , هذا على الاصطلاح اللساني الموافق للتراث العربي إن أمكن القول.
والملاحظ على عدد أصوات الحروف (الفونيمات) في القرءان أنّها تزيد بأربعة على صوت الحروف في اللّسان العربي العامّ وهي 1- الهمزة بين بين وهو ما يعرف: بالتسهيل في مخارج الحروف و الترتيل 2- وإشمام الصاد صوت الزاي 3- والألف الممالة 4- والنون المخفاة. وعليه يكون عدد أصوات أو ألفاظ الحروف 29 في اللّسان العربي .
والمورفيم لا يتعدّى كونه المبنى في التراث العربي لأنّ تعريفه هو : أصغر وحدة في بنية الكلمة تحمل معنى أو وظيفة فهي المبنى بالمعنى اللّساني، وذلك لأنّهم يقولون مثلا في ظنّ و رنّ مورفيمان أي بناءان لأنّ تعويض أحدهما بالآخر يؤدّي إلى تغير في المعنى وعليه يكون استعمال مصطلح المبنى بديلا عن مورفيم يفي بالغرض من الناحية اللّسانية لأنّ القاعدة في العربية تقول أنّ كل تغير في المبنى يؤدّي إلى تغير في المعنى.
ما أودّ إيصاله من خلال هذه المقالة القصيرة هو أنّ التراث العربي يكتنز ثروة لسانية أكبر من أن يستوعبها المصطلح الغربي الحديث, ومن المفترض أن نربط الحاضر بالماضي من خلال بعث وتفعيل الثراث العربي وإعادة صياغته لمواكبة العصرنة اللّسانيّة ونظرياتها الحديثة.
مترجم، ومهتم بعلوم اللغة واللسانيات