كيف نشأت متحورات كوفيد؟
تشير الدلائل إلى أن ضعف جهاز المناعة في بعض الأشخاص قد يكون السبب في تعجيل ظهور الطفرات.
اكتسب فيروس سارس-كوفيد طفرات عشوائية منذ ظهوره لأول مرة في ووهان، الصين. لوحظ العديد من المتحورات الجديدة في الأشهر الأخيرة – مثل الأميكرون. تسبب بعض من هذه المتحورات في حدوث تغيرات كبيرة في سلوك الفيروس، بما في ذلك مدى العدوى أو الوفاة.
تحدث الطفرات طوال الوقت وتكون عشوائية تمامًا. تقول البروفيسور جيلدا تاشيدجيان، عالمة الفيروسات في معهد بيرنت ورئيس جمعية علم الفيروسات الأسترالية: “هذا بالضبط ما تفعله الفيروسات”.
إذا قمنا بتسلسل لجميع جزيئات الفيروس من شخص مصاب بفيروس سارس-كوفيد 2، فسنجد أن كل جسيم مختلف قليلاً. ذلك لأنه عندما تقوم الفيروسات بنسخ نفسها، فإنها ترتكب أخطاء. معظمها تمر دون أن تكون ملاحظة. يمنح البعض الآخر مزايا للفيروس ويصبح سائدًا تدريجيًا.
يفترض بعض الخبراء أن الطفرات قد تحدث بشكل متكرر أكثر في مرضى نقص المناعة، وهي أحد الأسباب المحتملة لمتغير الأميكرون الحديث. ولكن كيف يحدث هذا؟
كيف تنشأ المتغيرات في مرضى نقص المناعة؟
في أوائل فبراير، أفادت دراسة نُشرت في مجلة Nature عن حالة رجل يبلغ من العمر 70 عامًا أُدخل إلى المستشفى في المملكة المتحدة، وثبتت إصابته بفيروس سارس-كوفيد 2. أصيب بالعدوى لأكثر من 100 يوم قبل وفاته. كان الرجل يعاني من نقص المناعة. حيث كان يعاني من سرطان الغدد الليمفاوية وتلقى العلاج الكيميائي في السابق.
لاحظ باحثون من جامعة كامبريدج، الذين تابعوا حالة المريض، أن الفيروس تطور سريعًا بعد أن تلقى الرجل العلاج بالبلازما – وهو عبارة عن محلول للحقن الوريدي من البلازما مأخوذ من الأشخاص المتعافين من الكوفيد، وبالتالي يحتوي على أجسام مضادة للفيروس. أنتج الفيروس “طفرات هروب” ساعدته على الإفلات من الأجسام المضادة في البلازما.
في حين أن التغييرات العشوائية في أي تسلسل جيني فيروسي أمر طبيعي على مدار العدوى، إلا أن هذا المريض أظهر نمطًا جذب انتباه الباحثين. ظهرت طفرات جديدة متعددة في المريض وذلك بعد تلقيه حقن البلازما الأولى. أصبحت هي المهيمنة لكنها اختفت بعد أسبوعين عندما تقلصت مستويات الأجسام المضادة.
ولكن عندما تلقى المريض جرعة البلازما النهائية، عادت السلالات المتحورة للظهور مرة أخرى. يعتقد فريق البحث أن الطفرات حدثت استجابةً للعلاج بالبلازما. تسمى هذه الظاهرة بالضغط الانتقائي – عندما يقلل سبب خارجي من فرصة البقاء على قيد الحياة، يتحور الفيروس لينجو.
وُثق التطور السريع للفيروس لدى مرضى آخرين. نُقل رجل يبلغ من العمر 45 عامًا من بوسطن، كان يخضع للعلاج المثبط للمناعة، إلى المستشفى بسبب عدوى الكوفيد التي تكررت لمدة 154 يومًا حتى وفاته.
ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن مثل هذا التطور الفيروسي السريع المبلغ عنه في مرضى نقص المناعة ظل بدون أعراض على مدى عدة أشهر.
تقول تاشيدجيان: “إذا كان لدى الشخص جهاز مناعة قوي، فسوف يتكاثر الفيروس، ولكن في النهاية سيوقفه الجهاز المناعي”. “أما في مرضى نقص المناعة، يظل الفيروس في حالة دوران داخل الجسم لأشهر”.
“يعود ذلك إلى قدرة الفيروس على التكاثر، وإحداث الطفرات، ثم التطور حتى يتمكن من الهروب من الاستجابة المناعية الضعيفة التي قد يمتلكها الفرد المصاب بنقص المناعة.”
إذا صحت هذه الفرضية، فقد يكون لها آثار على برامج التطعيم. يجب أن يكون مرضى ضعف جهاز المناعة، مثل مرضى السرطان أو الأشخاص الخاضعين للعلاجات المثبطة للمناعة، من بين أول المطعمين.
لم يكتشف العلماء بعد كيف ومتى ومن يحدث له هذا التطور الفيروسي. ولكن في أعقاب هذه المتحورات الجديدة، أصبح التطعيم العالمي السريع أكثر إلحاحًا.
نُشر في الأصل بواسطة Cosmos بعنوان كيف تظهر متغيرات COVID؟
مترجم عن: https://cosmosmagazine.com/news/how-do-covid-variants-emerge/
صيدلانية خريجة كلية الصيدلة جامعة المنصورة-مصر 2009، حاصلة على البورد الأمريكي في العلاج الدوائي.