الوقت المقدر للقراءة 3 دقيقة

سرطان الثدي:إكتشاف آلية خلوية تزيد من انتشار الخلايا الورمية .

سرطان الثدي:إكتشاف آلية خلوية تزيد من انتشار الخلايا الورمية .
عدد كلمات المقال: 688 كلمة

من بين كل الأمراض السرطانية, فإنّ سرطان الثدي هو الأكثر تشخيصا لدى النساء في الغالب. و الذي ينتج من اضطراب بعض الخلايا التي تتضاعف بطريقة عشوائية مشكلّة كثلة من الخلايا تُسمّى ورما. في دراسة نُشِرت في ” مجلّة الخليّة/La revue Cell” أظهر الباحثون دور الإنزيم TREX1, الذي يمكن أن يُسهِّل لاجتياح الخلايا الورمية للثدي.

يتكوّن الثدي من مجموعة من البُنى تسمّى الفصوص الغُديّة و التي تتألّف بدورها من فُصيصات مختصّة في إنتاج حليب الأمّ. تنتهي كل واحدة منها بقناة حاملة للبن أو قناة ناقلة للبن و التي تجتمع عند الحلمة. تكون الفصوص الغُدّيّة مُحاطة بنسيج شحمي و أوردة دموية و لمفاويّة.

عندما تبدء بعض خلايا الثدي في الإنقسام بحدّة فالأمر يتعلّق بسرطان الثدي. و الحالة المعهودة هي التاليّة: السرطان الغُدّي يتطوّر في بيئته و ينحصر في ظِهار القنوات النّاقلة للبن و الفصوص الغُديّة. سرطان الثدي المُتسرّب يظهر عندما تبلغ الخلايا الورميّة النسيج المجاور للقنوات و الفصوص الغُديّة. هذا النّوع من السرطانات يكون السبب وراء الإنبثاث و التنقّل. سرطان الثدي الالتهابي ناذر جدّا و يؤدّي أيضا إلى تكوّن إنبثاتاث. و هذا السرطان معروف باسم”العُدواني” يكون متمركزا على مستوى الأوردة اللّمفاويّة لجلد الثدي.

و خلافا لما كان مُعتقدا, فإنّ سرطان الثدي لا يستثني الرجال, فعلى غرار النّساء يمتلك الرّجال أنسجة حَلَميّة و التي يمكن أن تُولّد أوراما. إلاّ أنّ حالات سرطان الثدي تكون ناذرة لدى الرّجال إذ تمثّل أقل من 1 % من إجمالي حالات الإصابة بسرطان الثديّ.

و قد بات منذ 2016 بأنّه عندما تنضغط الخليّة في موضع ضيّق فإنّ الغشاء النّووي لنواتها يتعرّض لتشوّهات كبيرة تنتهي بتمزّقه فيتسرّب الـ DNA الذي يوجد بها في محتوى بلازما الخليّة و يتحلّل.

في سبتمبر من عام 2021 فريقان علميان من CNRS لمعهد Curie و INSERM اكتشفا بأنّ ظاهرة إضمحلال النويّات يحدث أيضا للخلايا السرطانيّة للثدي. و أوضحوا بأنّ الورم الحلمي الذي يتطوّر داخل القنوات النّاقلة للبن و الذي يتعرّض لضغوطات ميكانيكية خلال نموّه فيتضخّم إلى أن يُشوّه القناة و يتسبّب في تمزيق غلافها لتجتاح الأنسجة المجاورة, و المسؤول عن هذا الانتقال لورم حميد نسبيا في بيئته إلى مرحلة الإجتياح لسرطان أكثر صعوبة في علاجه يعود حسب فريقي البحث إلى أنزيم يُسمّى TREX1.

هل الإنزيم TREX1 هو المسؤول عن تطوّر سرطان الثدي؟

عندما يتطوّر ورم ابتداءا من خليّة ظِهاريّة للقناة النّاقلة للبن فإنّها تتضخّم حتى يَضيق بها الموضع فتنسحق الخلايا السرطانيّة الواقعة على حافّة الكثلة الورمية بسبب ضغط جدار القناة. تؤدّي هذه الإنسحاقات إلى تمزّقات في الأغشيّة النّوويّة لأنويّة الخلايا, يُصاحبها تلف في DNA الذي تحتوي عليه. يُسرّع هذا التلف المتكرّر لـ DNA الخلايا من اجتياح الأنسجة القريبة من طرف الورم.

لماذا يُدمّر الـ DNA بهذه الطّريقة؟ حسب باحثي الدّراسة,فإنّ السبب هو تدخّل إنزيم خلوي يُدعى TREX1 الموجود في الخلايا غير السرطانيّة , في العادة يكون دور هذا الإنزيم هو حماية الخليّة من خلال تدميره للمادّة الوراثيّة من DNA أو RNA و الفيروسات التي تحاول إصابة الخليّة. و لكن للإنزيم TREX1 دورا آخر في وظيفة الخليّة فهو يملك تأثيرا على شيخوخة الخلايا الطبيعيّة.

لاحظ العلماء بأنّه في حالة خليّة ورميّة خاضعة لضغوط ميكانيكيّة فإنّ TREX1 لديه إمكانيّة الولوج إلى الـ DNA الخلوي الذي لم يعد محميّا في النّواة فيبدأ في تخريبه و لكن عوضا أن يقتل الخلايا كما كان يُعتقد فإنّ TREX1 يسمح للورم من اكتساب خواص اجتياحية و أن يكون أكثر عُدوانيّة.

فيبدأ الورم في التضخّم بسرعة حتّى يضيق به الموضع في القناة اللّبنيّة فتبدأ عمليّة تخريب الأنسجة الواقعة في الجوار مثل الأنسجة الظِهاريّة فيُحدث ثقبا في هذه الأخيرة, فيتمكّن حينها الورم من غزو كل النّسيج و أن ينتشر في العضو و يُصبح بالتّالي سرطانا إنتقاليّا.

نحو هدف علاجي لمعالجة سرطان الثدي.

تبقى الفرق العلميّة من CNRS و INSERM ,و معهد Curie غير جازمة بخصوص خلاصة فيما يتعلّق بهذه الدّراسة, غير أنّ النتائج التي توصّلوا إليها تؤكّد بأنّ سرطان الثدي عند الإنسان يُصاحبه تلف و خراب للـ DNA بسبب الضغط الذي تُحدثه الخلايا الورميّة. يُستخلص منها أنّ مسؤوليّة TREX1 في تفاقم بعض أورام الثدي تبقى مُجرّد فرضيّة في الوقت الرّاهن. فلا شيء يُؤكّد أنّ TREX1 هو العنصر الأساسي و الوحيد الذي يُسبّب تلف الـ DNA و أكثر من ذلك فإنّ الآليات التي يسمح عن طريقها للخلايا السرطانيّة لاجتياح العضو تبقى مجهولة.

يمكن أن يُصبح TREX1 هدف علاجي في معالجة سرطان الثدي. يمكن أن يشرع الباحثون في التحضير لعلاجات تعمل على كبح نشاطه في حالة الورم.

بقلم: إيـڥ إتيان

المصدر:

https://www.science-et-vie.com/corps-et-sante/cancer-du-sein-decouverte-mecanisme-cellulaire-favorisant-propagation-cellules-t-64541

بولشراب سمير

مترجم، ومهتم بعلوم اللغة واللسانيات