سُوءُ دوَرَان (اسْتِدَارَة) الجِّهَـاز الهَضْمِـي
سوء دوَرَان الجهاز الهضمي الذي يشار إليه أحيانًا بالدوران غير الكامل أو عدم الدوران المعوي، هو أي انحراف عن الدوران الفيزيولوجي وتثبيت الجهاز الهضمي أحدهما أو كلاهما، أثناء التطور الجنيني.
أثناء تطور الجهاز الهضمي، فإنَّ الأجزاء الثلاثة من هذا الجهاز، وهي المَّعْي الأمامي والمَّعْي المُتَّوَسط والمَعْي الخلفي، عادةً ما تبرز من تجويف البطن وتخضع لدوران في اتجاه عكس عقارب الساعة بمقدار 270 درجة. يحدث هذا الدوران حول الأوعية الدموية المساريقية العلوية. بعد دورانها الفيزيولوجي، تقوم القناة الهضمية بإعادة التجويف داخل البطن حيث يتم تثبيته عند المُوصل الإثنا عشري الصائمي والأعور.
التَّجلـي السـريـري (المظـاهـر السـريـريـة)
قد يعاني المرضى المُصابون بسوء دوَرَان الجهاز الهضمي من تطَّبُل البطن مع ألم خفيف مصحوب بحماية (تَشَّنُج أو تَوَّتُر عضلات جدار البطن عند الفحص البدني). ** لحماية الأعضاء المُلتَهبة داخل البَطْن من آلام الضَّغط عليها، يتم الكشف عن حماية البطن عند الضغط عليه، وهو مؤشر على أنَّ التهاب السطح الداخلي للبطن (الصِّفاق) قد يكون موجودًا، على سبيل المثال، بسبب التهاب الزائدة الدودية. تتحول عضلات جدار البطن المتوترة تلقائيًا إلى تشنج لمنع تهيج الأنسجة الكامنة الرقيقة**). يمكن أن يؤدي الدوران غير الطبيعي للجهاز الهضمي إلى إمداد الأوعية الدموية للأجزاء المصابة من الأمعاء، وهذا بدوره يمكن أن يُسَّبب نَزْفًا داخل اللَّمْعَة، والذي يظهر على شكل قَيْئ الدَّم (تَقَيُؤ الدَّم) وتَغَوُّطٌه (وُجود الدَّم في البُراز) أحَدهما او كلاهما.
بالإضافة إلى النَزْف، قد يصاب المرضى بصدمة مصحوبة بعلامات مثل انخفاض إنتاج البول، وانخفاض ضغط الدم، وضعف التروية. تشمل العلامات الأخرى لضعف إمدادات الأوعية الدموية التهاب الصفاق وتغير لون الجلد.
الفيـزيـولـوجيـا المـرضيــة
ظهر مؤخرًا أنَّ نُشوء سوء دوران الجهاز الهضمي نتيجةً لحدوث طفرات جينية. إنَّ الجين المُتوَّرِط في هذه العملية هو جين عامل انتساخ رأس الشوكة (FOXF1). بالإضافة إلى الدوران غير الطبيعي، فقد تم تناقل الحديث (التوارُث) بأنَّ هؤلاء المرضى قد يكون لديهم قصورًا خِلقيًا في الأمعاء. يُعتقد أن FOXF1)) يضطلع بدورٍ مهمٍ في التوَّسُط في الدوران الفيزيولوجي للأمعاء وتشكيل المَساريقُ الظَّهْرانِيَّة (الظَّهْرِيَّة).
قد تؤدي الطفرات المُعَّطِلة لهذا الجين إلى حدوث سوء دوَرَان الجهاز الهضمي. وبالإضافة إلى الطفرة الحادثة في (FOXF1)، فإنَّ الطفرات الحادثة في الجينات التي تتحكم في البُنْيَّة من اليسار إلى اليمين (L-R) في الجنين والجينات الأخرى التي لم يتم تحديدها بعد، قد ترتبط بحدوث سوء دوَرَان الجهاز الهضمي أيضًا.
ثمَّة أربع مجموعات مُسَّبِبَة مُقترَحَة لحُدوث سُوء دوَرَان الجِّهَاز الهَّضْمي: (i) البُنْيَّة الشَّاذَة من اليسار إلى اليمين (L-R)، (ii) المساريق الظهرانية، شُذوذات (FOXF1)، (iii) شذوذات في الأمعاء نفسها، و (iv) شُذُوذات البطن الأخرى.
تشمل الاضطرابات في الأمعاء نفسها رَتْقُ (فتحات / ممرات مغلقة أو مفقودة) وقصر الأمعاء الخلقي. تم افتراض الفئة الرابعة على أساس وضع الأمعاء أعضاء البطن بشكل غير صحيح أحدهما أو كلاهما داخل تجويف البطن أثناء تكوين الأعضاء، مما يؤدي لاحقًا إلى سوء دوَرَان الجهاز الهضمي.
الوبـائيــات
في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يتراوح مُعدَّل حدوث سوء دوَرَان الجهاز الهضمي اللا أعراضي (غير المصحوب بأعراض) بين 1 من كل 200 إلى 1 من كل 500 شخص. ومن ناحية أخرى، يُعَّد معدل حدوث سوء دوَرَان الجهاز الهضمي الأعراضي (المصحوب بأعراض) أقل بكثير، حيث يكون 1 من كل 6000 ولادة حية تقريبًا. يُصاب ما يقرب من 80 ٪ من المرضى بسوء الدوَرَان خلال السنة الأولى من حياتهم.
بالإضافة إلى ذلك، يُمَّثل معدل الإصابة في الذكور ضعفه في الإناث في المرضى الذين تقل أعمارهم عن عامٍ واحدٍ. يُعاني 6 من كل 10 أطفال مُصابين بسوء دوَرَان الجهاز الهضمي من شذوذ خلقي مُصاحِب. يعاني جميع الأطفال الذين لديهم فتق في الحجاب الحاجز والقِيلَةٌ السُرِّيَّة أو الفَتْق السُّرِّي (بروز أعضاء البطن في الحَبْل السُّرِّي) و انْشِقاقُ البَطْنِ الخِلْقِيّ (بُروز الأمعاء من خلال جدار البطن) من سوء الدوَرَان بشكلٍ ضمْني.
التـدبيــر العـلاجــي
يمكن تأكيد تشخيص سوء دوَرَان الجهاز الهضمي من خلال التصوير الشعاعي للبطن، والموجات فوق الصوتية، والتصوير المقطعي المحوسب، والتنظير الفلوري (التألقي). يستلزم العلاج الجراحي الطارئ الحالات التي يترافق فيها حدوث الانفتال (الالتواء) والانسداد مع سوء دوَرَان الجهاز الهضمي أحدهما أو كلاهما. لا ينبغي إطعام المرضى عن طريق الفم لتجنب تفاقم الوضع. بدلاً من ذلك، يتم استخدام أنبوب تغذية من خلال الأنف أو الفم، مع الحفاظ على توازن السوائل والكهارل.
يتم علاج الصدمة، إن وجدت، بالعوامل الرافِعة للضَّغْط (الرَّافعَة للتَوَّتُر الوِّعَائي) لتصحيح انخفاض ضغط الدم، والإنعاش المُناسب بالسوائل ومنتجات الدم، إن أمكن. تتم الجراحة عن طريق إجراء لاد (Ladd procedure). يستلزم هذا الإجراء استئصال الزائدة الدودية، وقطع أربطة لاد (النسيج الذي يربط الأعور بجدار البطن)، ووضع الأمعاء الدقيقة داخل تجويف البطن، ومعالجة الانفتال إذا لزم الأمر.
** إضافاتٌ وُضعَت بمعرفة المُترجم لإيضاح المعلومة.
** رابط المقال الأصلي: https://www.news-medical.net/health/Malrotation-of-the-Gastrointestinal-Tract.aspx
خريج كلية الصيدلة – جامعة الأزهر/ غزة سنة 2006، مارس العمل في عدة صيدليات خاصة، ثم اتجه إلى ممارسة الترجمة الطبية والعلمية، تعاون مع عدة مراكز ودور نشر وشركات للترجمة.