مُضَّـادَات الاكْتِئَـاب وعَلاقَتُـها بالتَّغَيُـرات في الوَزْن
مِن المُمْكِن اعْتِبَارُ مُضَّادَات الاكْتِئَاب خَيارًا فَعالًا لمُعَالجَة الاكْتِئَاب الوَّخِيم (الشَّديد). ولسُوءِ الحَظ، ثَمَّة احْتِمَاليَّةٍ لظُهُور تَأثيراتٍ جَانبيةٍ مُختلفةٍ بمَا في ذَلك زِيَادة الوَّزْن. يَجِب أنْ يأخَذَ الأطبَّاء هَذه التَّأثِيرات الجَّانبيَّة فِي الاعْتبَار قبْل وصْفِ مُضَّادَات الاكْتِئَاب.
كيفَ تَتِمُّ مُعَالجَـة الاكْتِئَـاب؟
عَادةً ما تَبْدَأ مُعَالجَة الاكْتئَاب عَلى أحَد الأشْكالِ الثَلاثة التَّالية: اسْتَراتيجِيَّات المُسَاعَدة الذَّاتيَّة، والمُعَالجَات النَّفْسيَّة، والأدْويَّـة.
تتضمن المُعالجة الفعَّالة مَزيجًـا من أنواع المُعالجَات هّذِهِ إجْمَالاً. تُعَّدُ التَّمَـارين الرياضيَّـة شَكلاً مِن أشْكالِ المُسَاعَدة الذَاتيَّة التِي قَد تُساعد فِي تَدْبير الاكتِئَاب عَلى اعْتِبَار أنَّ إطلاقَ الإنْدُورْفِينَات “الأنْدْرُوفِينَات” (endorphins) أثناء مُمَارسَة الرِّياضَة يُمْكنُ أنْ يُقللَّ من الأعْراضِ النَفسِيَّة السَّلبية للاكْتئَاب.
من المُمْكِن اسْتِخْدام المُعَالجَة المَعْرِفِـيَّة السُّلوكِيَّة (CBT) والاسْتِشَارَة النَفْسيَّة لمُعالجَة الاكتِئَاب أيضًا، حيثُ يُمكنُ أنْ يسَاهِمَ كِلاهُمَا في مُعَالجَة الأسْبابِ الجَذْريَّة للاكْتئَابِ والمُسَاعَدة في الحَّدِ مِنْهَا بِحيثُ تَكونُ أقَّلَ إرهاقًـا.
تُرَّكِزُ المُعَالجَة المَعْرِفِـيَّة السُّلوكِيَّة بشكلٍ أسَاسيٍّ على المُشكِلات الحَاليَّة والطُرق العَمَليَّة لتَحْسينِ حَالتِك الذِّهْنيَّة، بَينَمَا يُمْكنُ أنْ تُرَّكزَ الاسْتِشَارةُ عَلى المَّاضِي والمُحَّفِزَات المُحتَملَة لحُدوث الاكتِئَاب عِندَ شَّخْصٍ مَا.
بالنِّسْبَة للاكْتِئاب الوَخِيم، يُمْكنُ الأخْذُ بعَيْنِ الاعْتِبَار الأدوية المُضَّادَة للاكْتِئَاب كخّيَار عِلاجِّي.
يَتَّوَفَرُ مَا يَقْرُب مِن 30 نَوعًا مُختلفًا من الأدْويَّة المُضَّادَة للاكْتِئَاب، بحَيْثُ يُمْكنُ تَقْسيمِهَا إلى فِئاتٍ مُخْتَلفة:
مُثَّبِطات اسْتِـِرْدَادِ السِّيرُوتُونِين الانْتِقَائيَّة (SSRIs)
مُثَّبطَات اسْتِـِرْدَادِ السِّيرُوتُونِين والنُورْأَدْرِنالين (SNRIs)
مُضَّادَات الاكْتِئَاب النُورْأَدْرِنالينيَّة والسِّيرُوتُونِينيَّة النَّوْعِيَّة (NASSAs)
مُضَّادَات الاكْتِئَاب الثُّلاثِيَّةُ الحَلَقَات (TCAs)
مُثَّبِطَات الأكْسِيدَاز الأُحُادِي الأمِين (MAOIs)
تُعَّدُ المُثَّبِطات الانْتِقَائيَّة لاسْتِـِرْدَادِ السِّيرُوتُونِين الفِئةَ الأكثَرَ وَصْفًا لمُضَّادَات الاكْتِئَاب بالنَّظَر إلى التَّأثيراتِ الجَانبيَّة الأقَّلِ حُدُوثًا والعَواقِبِ الأقَّلِ خُطورةً لحُدوثِ الجَرْعَة الزَّائدة مِنْها مُقارنةً بالفِئات الأخْرَى مِنْ الأدْويَّة.
تُشْبِه مُثَّبطَات اسْتِـِرْدَادِ السِّيرُوتُونِين والنُورْأَدْرِنَالين (SNRIs) مُثَّبِطات اسْتِـِرْدَادِ السِّيرُوتُونِين الانْتِقَائيَّة (SSRIs)، لكنْ يَسْتَجيبُ بعضُ الأشْخاصِ لهَذهِ الأدْويَّة بشَكلٍ أفْضلَ مِنْ تِلكَ الأخِيرَة، فَقَد تَكونُ فَعَالةً فِي الأشْخاصِ غَيرِ القَادرينَ عَلى تَنَاوُلِ مُثَّبِطات اسْتِـِرْدَادِ السِّيرُوتُونِين الانْتِقَائيَّة؛ وتَمْتِلكُ تَأثِيراتٍ جَانبيةً مُمَاثلةٍ لمُثَّبِطاتِ اسْتِـِرْدَادِ السِّيرُوتُونِين الانْتِقَائيَّة، لكِنَّها يُمكنُ أنْ تُسَّببَ المَزيدَ مِنَ النُّعاس في بِدَايةِ تَنَاوُلِها.
تُمَّثِلُ مُضَّادَاتُ الاكْتِئَابِ الثُّلاثِيَّةِ الحَلَقات (TCAs) ومُثَّبِطَات الأكْسِيدَاز الأُحُادِي الأمِين ((MAOIs أنواعًا أقدمَ مِنْ مُضَّادَات الاكْتِئَاب ولا تُسْتَخْدَم فِي أَغْلَب الْأَوْقَات نَظرًا لارتِبَاطِها بحُدوثِ تَأثيراتٍ جَانبيةٍ أكْثرِ خُطُوُرة.
إِنَّ عَدَدَ المَرْضَى اَلَّذِينَ تَمَّ تَشْخيصُ إِصابَتِهِمْ بِالِاكْتِئَابِ آخِذٌ فِي الِازْدِيَادِ، وَبِالتَّالِي فَإِنَّ وَصْفَ الأَدْوِيَةِ المُضادَّةِ لِلِاكْتِئَابِ آخِذٌ فِي الِارْتِفاعِ أَيْضًا، وَهُوَ مَا يَتَّضِحُ جَلِيًّا فِي أَعْدادِ مُضادّاتِ الِاكْتِئابِ اَلَّتِي يَتِمُّ وَصَفُها وَالَّتِي تَضَاعَفَتْ تَقْرِيبًا بَيْنَ عَامَيْ 1995 وَ 2001.
كَيْفَ تُؤَثِّرُ مُضادّاتُ الِاكْتِئابِ عَلَى الوَزْنِ ؟
ارْتَبَطَتْ الأَدْوِيَةُ المُضادَّةُ لِلِاكْتِئَابِ بِزيادَةِ الوَزْنِ، لَكِنَّ طَبيعَةَ هَذَا الِارْتِباطِ غَيْرُ مَفْهومَةٍ عَلَى نَحْوٍ جَيِّدٍ. وَيَرْجِعُ ذَلِكَ إِلَى أَسْبابٍ مِثَلِ الكَيْفيَّةِ دُونَ المُثْلَى ( الأُسْلوبِ دُونَ الأَمْثَلِ ) لِلْعَدِيدِ مِنْ الدِّراساتِ (عَدَدٌ قَليلٌ جِدًّا مِنْ الدِّراساتِ اَلَّتِي أُجْرِيَتْ لَهَا مُتابَعَةٌ مُكَثَّفَةٌ لِتَقْيِيمِ تَأْثيراتِ مُضَادّاتِ الاكْتِئابِ عَلَى زيادَةِ الوَزْنِ) وَالتَّبَايُنِ بَيْنَ الأَدْوِيَةِ المُضادَّةِ لِلِاكْتِئَابِ المُخْتَلِفَةِ .
بِالْإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، هُنَاكَ القَليلُ مِنْ الدِّراساتِ اَلَّتِي تَتَحَرَّى تَأْثيرَ المُعالَجَةِ المُضادَّةِ لِلِاكْتِئَابِ عَلَى زيادَةِ الوَزْنِ عَلَى نِطاقٍ واسِعٍ فِي السُّكّانِ.
حاوَلَتْ دِراسَةٌ أَتْرَابِيَةُ (جَمَاعيَّةٌ) سُكّانيَّةٌ فِي المَمْلَكَةِ المُتَّحِدَةِ أَنْ تُراقِبَ التَّأْثِيرَاتِ طَويلَةَ المَدَى لِاسْتِخْدَامِ مُضادّاتِ الِاكْتِئابِ عَلَى زيادَةِ الوَزْنِ. تَتَبَّعُ البَاحِثُونَ وَزْنَ أَكْثَرَ مِنْ 290.000 شَخْصٍ بِاسْتِخْدَامِ السِّجِلَّاتِ الإِلِكْتِرونيَّةِ أَثْناءَ زيارَتِهِمْ لِلْمُمَارِسِ العامِّ عَلَى مَدَى عَقْدٍ مِنْ الزَّمانِ. وَلاحَظوا أَنَّهُ خِلالَ هَذِهِ الفَتْرَةِ الزَّمَنيَّةِ، تَعَرَّضُ المَرْضَى اَلَّذِينَ وُصَفَتْ لَهُمْ مُضادّاتُ الِاكْتِئابِ لِخَطَرٍ مُتَزايِدٍ لِاكْتِسَابِ مَا لَا يَقِلُّ عَنْ خَمْسَةٍ فِي المَائَةِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِ أَجْسامِهِمْ، مُقارَنَةً بِأُولَئِكَ اَلَّذِينَ لَمْ توصَفْ لَهُمْ مُضادّاتُ الِاكْتِئابِ مُطْلَقًا.
وَشَدَّدَ القَائِمُونَ عَلَى الدِّراسَةِ عَلى أَنَّ هَذَا الخَطَرَ قَدْ زَادَ خِلالَ العاميْنِ الثَّانِي والثّالِثِ مِنْ المُعالَجَةِ المُضادَّةِ لِلِاكْتِئَابِ أَيْضًا، لَكِنْ يَبْدُو أَنَّ المَرْضَى اَلَّذِينَ عُولِجُوا لِمُدَّةٍ أَقَلَّ مِنْ عَامٍ لَمْ يَتَأَثَّرُوا عَلَى الرَّغْمِ مِنْ أَنَّ هَذَا قَدْ يَكونُ مَرَدُّهُ نَقْصُ بَياناتِ هَؤُلَاءِ المُشَارِكِينَ.
وَتَمَّ الحِفاظُ عَلَى هَذَا الخَطَرِ المُتَزايِدِ لِزِيَادَةِ الوَزْنِ خِلالَ السَّنَوَاتِ السِّتِّ الأُولَى مِنْ المُتابَعَةِ أَثْناءَ الدِّراسَةِ. وَبِالتَّالِي، يُؤَدّي هَذَا الخَطَرُ المُتَزايِدُ لِزِيَادَةِ الوَزْنِ إِلَى زيادَةِ حُدوثِ انْتِقالِ المُشَارِكِينَ إِلَى فِئاتٍ أَعْلَى مِنْ مُنَسَّبٍ (مُؤَشِّر) كُتْلَةِ الجِسْمِ أَيْضًا.
وَتُظْهِرُ هَذِهِ الدِّراسَةُ فِي النِّهَايَةِ أَنَّ المُعالَجَةَ المُضادَّةَ لِلِاكْتِئَابِ مُرْتَبِطَةٌ بِخَطَرِ زيادَةِ الوَزْنِ عَلَى مَدَى 5 سَنَوَاتٍ عَلَى الأَقَلِّ.
وَسَلَّطَتْ الدِّراسَةُ الضَّوْءَ عَلَى الِارْتِبَاطَاتِ الأُخْرَى بَيْنَ فِئَةِ مُؤَشِّرِ كُتْلَةِ الجِسْمِ واسْتِخْدامِ مُضَادّاتِ اَلِاكْتِئابِ، فَقَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ 13.9 فِي المَائَةِ مِنْ الأَشْخاصِ اَلَّذِينَ وَصَفَتْ لَهُمْ مُضادّاتُ الِاكْتِئابِ ذَوِي مُؤَشِّرِ كُتْلَةِ جِسْمٍ طَبيعيٍّ، فِي حِينِ أَنَّ حَوَالَيْ 26.5 فِي المَائَةِ مِنْ الأَشْخاصِ زَادَ مُؤَشِّرُ كُتْلَةِ الجِسْمِ لَدَيْهُمْ عَنْ 45 بَعْدَ تَنَاوُلِهِمْ لِمُضادّاتِ الِاكْتِئابِ.
وَأَثْبَتَتْ الدِّراسَةُ وُجودَ ارْتِباطٍ بَيْنَ زيادَةِ اسْتِخْدامِ مُضادّاتِ الِاكْتِئابِ لَدَى المُشَارِكِينَ المُصَابِينَ بِأَمْراضٍ مُشْتَرَكَةٍ أُخْرَى، مِثْلَ السَّكْتَةِ الدِّماغيَّةِ والسُّكَّريِّ أَيْضًا. بِالْإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، فَقَدْ سُجَّلَتْ زيادَةُ اسْتِخْدامِ مُضادّاتِ الِاكْتِئابِ فِي الأَفْرادِ اَلَّذِينَ يُدَخِّنونَ التَّبْغَ حاليًّا.
وَمَعَ تَفاوُتِ زيادَةِ الوَزْنِ بَيْنَ فِئاتِ الأَدْوِيَةِ المُضادَّةِ لِلِاكْتِئَابِ، يَجِبُ أَنْ يَأْخُذَ اَلْاخْتِصَاصيّونَ المُعَالِجُونَ فِي الِاعْتِبَارِ مَخاطِرَ زيادَةِ الوَزْنِ عِنْدَ التَّفْكيرِ فِي مُضادّاتِ الِاكْتِئابِ كَخِيَارٍ عِلاجيٍّ.
** رابط المقال الأصلي: https://www.news-medical.net/health/Antidepressants-and-Weight-Changes.aspx
خريج كلية الصيدلة – جامعة الأزهر/ غزة سنة 2006، مارس العمل في عدة صيدليات خاصة، ثم اتجه إلى ممارسة الترجمة الطبية والعلمية، تعاون مع عدة مراكز ودور نشر وشركات للترجمة.