بغض النظر عن الأسباب الاجتماعية (والدينية) التي دفعت اليابانيين للإهتمام بالروبوتيات، فإنه لا يختلف إثنان على أن اليابان هي أكثر دول العالم تقدمًا في هذا المجال. الملاحظة الجديرة بالذكر هُنا هي أن معظم الأبحاث التي يقومون بها في هذا المجال تُكتب باللغة اليابانية حصرًا. ليس فقط أنه بهذه الطريقة سيكون من السهل على المزيد من اليابانيين – اللذين لا يتقنون الإنجليزية- العمل في المجال بلغتهم الأم، ولكن سيضمن تقدم شبه دائم لليابانيين على غيرهم، لأنهم يحتفظون “بسر الصنعة” إن جاز التعبير؛ حيث أن اللغة اليابانية ليست بالبساطة التي ستسمح لأجنبي أن يتعلمها في فترة قصيرة ليقرأ أطنان الأبحاث المكتوبة بها.
هل يُمكننا أن نفعل ذلك؟ بوضعنا الحالي، الإجابة هي للأسف لا.
ما أعطى اليابانيين الحق في استخدام لغتهم الأم في هذا المجال هو أن لهم فيه السبق على باقي بقاع المعمورة. هم لا يلاحقون العالم فيه ليسجلوه باللغة الإنجليزية فقط، بل من يلاحقهم هو العالم. النقطة الأخرى هي أن هُناك مجهود منظم من قبل الدولة في مراجعة وتطوير اللغة اليابانية ذاتها لضمان أنها تستطيع استيعاب الأفكار والمفاهيم الجديدة، وذلك لتقليل (أو إلغاء) الحاجة للاعتماد على لغة أجنبية.
ما هو الفن أو الشيء الذي يمتلك فيه متحدثي العربية السبق حتى يقتصروا على لغتهم في تدارسه؟ لا شيء.
متى كانت المرة الأخيرة التي حدث فيها أي تطوير للغة العربية؟ رُبما عدة قرون.
ثم إن أردنا أن نقوم بمثل هذا التطوير، من سيقوم به؟ أصلًا لا يوجد جهة موحدة لتطوير صيغة قياسية للغة العربية يتفق عليها أهل المشرق والمغرب، نحن لدينا “مجمعات” للغة العربية كل منها يعمل منفردًا، وكل منها يترجم ويُعرب وفقًا لما يراه صحيحًا.
لهذا السبب، فإن تدارس التخصصات العلمية باللغة العربية فقط أراه غير مجدي على الإطلاق وغير عملي؛ لأنه بما أنك لا تمتلك السبق في هذه المجالات، فإن ما تفعله هو أنك تعزل نفسك عن كُل ما يحدث في العالم بهذه الطريقة. في حين أن العالم يتسابق في تطوير هذه المجالات باللغة الإنجليزية، فستتمثل حدود هذه العلوم بالنسبة لك في آخر ما تم ترجمته منها، والذي هو قديم قديم بمقاييس عصرنا الحالي.
الحل الأمثل في الفترة الحالية هو أن ننضم للركب العالمي الذي يتناقل العلم بالإنجليزية، وفي نفس الوقت نبدأ في الإضافة للمحتوى العلمي العربي بصورة تدريجية بالترجمة (على سبيل البناء، وليس على سبيل الاستكفاء). من المفترض أنه بعد فترة زمنية معينة قد نصل للكتلة الحرجة من المعرفة المتوافرة باللغة العربية في مجال ما والتي تسمح بالاستمرار فيه باللغة العربية وحسب. ما طول هذه الفترة؟ رُبما عدة عقود (أو قرون)، إلا إذا حدث اتحاد مفاجئ بين شتات متحدثي العربية -على غرار الإتحاد الأوروبي على سبيل المثال- ذلك لأن توفير بيئة علمية صحية لن يحدث إطلاقًا بدون توفير بيئة سياسية واجتماعية سليمة.
تم تحديث المقال في 8 مارس 2020