محاولات للتوصل إلى وسائل منع حمل مستقبلية غير هرمونية
أدى اكتشاف حبوب منع الحمل الهرمونية في الستينيات إلى إحداث علامة فارقة في تاريخ النساء، حيث حرر العديد من النساء من المنزل ودفعهن إلى الخروج إلى العالم. إلا أن هذه الإثارة جعلتنا نغفل عن الآثار الجانبية والمخاطر المرتبطة بحبوب منع الحمل، والتي نعلم الآن أنها قد تتضمن زيادة طفيفة في خطر الإصابة بسرطان الثدي.
تقول بيفرلي ستراسمان، عالمة الأحياء التطورية البشرية بجامعة ميتشيغان: “لا تدرك الكثير من النساء مخاطر الإصابة بالسرطان المرتبطة بوسائل منع الحمل الهرمونية لأن ظهور حبوب منع الحمل حرر حياة النساء ودفعهم لدخول سوق العمل بشكل أكثر فاعلية”.
كما أضافت: عند إجراء تغيير جذري في الجسم بالهرمونات الاصطناعية، لا يمكنك الافتراض أنه لن تكون هناك آثار جانبية إلا أن وسائل منع الحمل وفرت للنساء فوائد ملموسة.
وبعد مرور ستين عامًا، لا تزال شركات الأدوية “مكتفية بما حققته من إنجاز”، لكنها تحتاج إلى تقييم أفضل للعلاقة بين تحديد النسل الهرموني والسرطان.
ربطت الأبحاث أيضًا حبوب منع الحمل بالاكتئاب، وانخفاض الرغبة الجنسية، والقلق، وتغير القدرة على تكوين الذكريات العاطفية. ومع ذلك، لا يزال معظم الأطباء لا يتابعون عن كثب الأبحاث التي تبحث في الروابط بين تحديد النسل الهرموني وآثاره الجانبية النفسية، كما تقول عالمة النفس التطوري سارة هيل، مؤلفة كتاب (كيف تغير حبوب منع الحمل كل شيء).
“لا يُنظر إلى المجموعة الكاملة من الآثار الجانبية للأدوية بالطريقة التي يتعامل بها الناس مع العالم؛ تقول هيل: حتى إنه ليس في الرؤية المحيطية للأطباء.”
لكن النساء يرغبن في الثورة التالية لتحديد النسل؛ خاصةً النساء الأصغر سناً يسعين بشكل خاص إلى خيارات غير هرمونية. تستطرد هيل قائلةً: “لا تُقدم خدمات لكثير من النساء، والكثير منهن يتناولن حبوب منع الحمل على الرغم من أنهن لا يفضلونها – معاييرها منخفضة نظرًا لوجود عدد قليل جدًا من الخيارات الجيدة”.
في السنوات الأخيرة، شهدت تطبيقات منع الحمل ارتفاعًا في عدد المستخدمين، مما قد يشير إلى أن العديد من النساء لم يعدن يحتملن تأثيرات تحديد النسل الهرموني على أجسادهن. لكن هذه التطبيقات واجهت انتقادات بشأن فعاليتها.
نوع جديد من حبوب منع الحمل
قد يظهر احتمال آخر: حبوب غير هرمونية؛ جيان جون صن عالم وظائف الأعضاء وعالم الوراثة بجامعة كونيتيكت يتحدى الصعاب من أجل صياغته.
يقول العالم جيان جون صن “نحن نعلم أن عملية الإباضة عند البشر تنجم عن زيادة في الهرمونات، ولكن كيفية إطلاق البويضة عملية دقيقة للغاية؛ إن الدورة الشهرية تخضع لسيطرة شديدة للغاية وهناك الكثير من الأمور المجهولة في هذه المنطقة”.
عند حدوث الإباضة، فإن البويضة الموجودة داخل الجريب تنفجر من المبيض وتنطلق عبر قناة فالوب، حيث يمكن تخصيبها. يأمل العالم جيان جون صن في صياغة دواء يمنع الجريب من التمزق وإطلاق البويضة.
إن إيقاف الإباضة ليس مفهومًا جديدًا – وسائل منع الحمل الهرمونية تفعل ذلك عن طريق خداع الجسم بأن المرأة حامل. ولكنه يبحث عن طريقة جديدة لوقف إطلاق البويضات دون استخدام الهرمونات الاصطناعية.
حيث ابتكر طريقة لتحليل المركبات المختلفة دون الاعتماد على البشر (الأمر الذي من شأنه أن يعقد العملية). لقد اكتشف أن إباضة ذبابة الفاكهة تشبه طريقة إباضة البشر، كما أن عملية الإباضة لدى الذبابة تشبه عملية الإباضة لدى الفئران.
مع انطلاق هذا البحث، بدأت مؤسسة جيتس في دعم العلماء لتطوير وسائل منع الحمل غير الهرمونية. قامت المنظمة بتمويل صن من أجل اختبار المركبات الدوائية على الذباب.
يقوم صن الآن بفحص ما يصل إلى 500 مركب يوميًا لمعرفة أي منها يمنع الجريب من التمزق وإطلاق البيوضات. مؤسسة جيتس متحمسة للنتائج للغاية. إنهم يحاولون حملنا على إيجاد الهدف، ثم يمكننا دراسة هذا الهدف باستخدام الأدوات الجينية ”
يقول صن إنه يمكن للباحثين اختبار الدواء على البشر في النهاية. على عكس الحبوب الهرمونية، لن يحتاج المستخدمون إلى تناولها يوميًا. لمنع الإباضة، ما عليكِ سوى تناوله لمدة أسبوع أو نحو ذلك قبل أن تبدأ العملية.
على الرغم من أن هذا يبدو مغريًا، إلا أن لا تعرف الكثير من النساء موعد الإباضة بالضبط – وتختبر 10 إلى 15 بالمائة فقط من النساء دورات مدتها 28 يومًا. ولأن مفهوم الدواء جديد جدًا، فإن الباحثين ليسوا متأكدين من الشكل الدوائي الذي قد تبدو عليه الجرعات. يقول صن: “لا يزال الأمر افتراضيًا فيما يتعلق بكيفية استخدام موانع الحمل التي تستهدف الإباضة، نظرًا لعدم وجود منتجات في السوق”.
يبدو أن الخبراء يتقبلون أي بحث جديد عن بدائل منع الحمل الهرمونية، على الرغم من العديد من الأشياء المجهولة. في السنوات الأخيرة، تناولت دراسات قليلة هذا التحدي.
تهيمن موانع الحمل الهرمونية في الوقت الذي يجادل فيه الباحثون بأن التقدم العلمي والتكنولوجي سوف يجلب فرصًا غير مسبوقة لأدوية جديدة عبر المجالات الطبية.
إذا كانت أبحاث صن مثمرة، فقد تجذب المزيد من التمويل للباحثين الآخرين العاملين على هذه البدائل، كما تقول بيثان سويفت، طالبة دكتوراه في جامعة أكسفورد تدرس علم وبائيات الخاص بصحة المرأة. تقول سويفت: “أحد العوائق الكبيرة التي تحول دون تطوير وسائل منع حمل جديدة هو أن الخيارات الحالية ناجحة، لذلك هناك طلب ضئيل من صناعة الأدوية لاستثمار الأموال في إنشاء مركبات جديدة.”
هذا النقص في الأموال يضع ضغوطا كبيرة على صن. ويضيف أن مؤسسة جيتس تأمل في أن يصل عقار واحد على الأقل إلى السوق بحلول عام 2026. لكن عائق الموافقة على تحديد النسل مرتفع بشكل فريد. نظرًا لأنه لا يُقصد به التخفيف من المرض، فقد لا تستحق الآثار الجانبية المحتملة المقايضة بالمقابل، على سبيل المثال، علاجات السرطان. يقول صن إن الأمر سيستغرق على الأرجح ما بين خمس إلى عشر سنوات قبل أن يتوفر دواء جديد.
يقول صن: “إن تطوير وسائل منع حمل جديدة ليس بالأمر السهل، لأنهم سيصلون إلى نساء يتمتعن بصحة جيدة، على عكس الأدوية الأخرى، حيث من المقبول أن تكون هناك بعض الآثار الجانبية”.
ويحتمل أن يتسبب العقار النهائي في بعض الآثار الجانبية، ولكن أقل من موانع الحمل الهرمونية. ومع ذلك، تشعر هيل بالقلق من أن المنتج النهائي قد يؤثر على مستويات الهرمونات الطبيعية في الجسم.
حيث أوضحت قائلةً: تنتج أجسامنا معظم الهرمونات الجنسية عن طريق الإباضة، كما أن المستويات العالية من هرمون الاستروجين تحفز نضج البويضة شهريًا. كما أنه إطلاق البويضة، يطلق الجريب الفارغ هرمون البروجسترون – لذلك تنخفض المستويات إلى حد ما في حالة منع الإباضة. “قد يبدو إيقاف الإباضة مثاليًا، ولكن إذا أدركت أن هذه هي الطريقة التي يصنع بها الجسم الهرمونات، فستدرك أنها ليست الترياق”.
مترجم عن: https://www.discovermagazine.com/health/the-quest-for-non-hormonal-birth-control
صيدلانية خريجة كلية الصيدلة جامعة المنصورة-مصر 2009، حاصلة على البورد الأمريكي في العلاج الدوائي.