عدم تخلق الجسم الثفني و‘الدماغ المشطور‘ التقليدي*

يـتم إجراء بضع الصِوارات commissurotomies جراحيا (الدماغ المشطور) بصفة نمطية في البالغين لمعالجة الصرع المُعَنِّد intractable epilepsy، بينما عدم تخلق الجسم الثفني شذوذ دماغي يوجد منذ الولادة. في مرضى بضع الصِوار، تقطع كل الصوارات الدماغية بما فيها الصِوار الأمامي، في حين يكون الصِوار الأمامي سليما في أغلب مرضى عدم تخلق الجسم الثفني الأوليّ. لا يتم قطع الصِوار الأمامي جراحيا في مرضى بضع الجسم الثفني.

يبدي الأفراد مع بضع الصِوار ‘متلازمة الانفصال‘ ‘disconnection syndrome’ التي تشمل غياب النقل الثفني للمعلومات الحسية، وعوز النشاط الحركي المتناسق باليدين.

إن وجود اضطراب اختلاجي seizure disorder قبل الجراحة يعقد تفسير الوظائف المعرفية العليا في حالات الدماغ المشطور. لكن يعلق روجر سبيري Roger Sperry بأن ” كلا من الكلام، الذكاء اللفظي، الحساب، التناسق الحركي، التعليل اللفظي والتذكر، الشخصية والمزاج تكون مصونة بدرجة مدهشة في غياب الترابط بين النصفين الكرويين”. ومع ذلك فقد لوحظ عجز في زمن المعالجة المعرفي، الاستنتاج الحسابي، التفكير الإختزالي والذاكرة قصيرة الأمد.

قد يبدي أيضا المرضى مع بضع الصوار ‘لاقرائية المزاج‘ alexithymia (خلل فى التعبير عن مشاعر الفرد والحالة المزاجية).

إجمالا، يمتلك المرضى مع عدم تخلق الجسم الثفني تكامل أفضل – لكنه محدود- بين النصفين الكرويين عن المرضى مع بضع الصوار في الكثير من أشكال المعلومات البصرية واللمسية.إن الأهمية النسبية للعمر عند البدء في عدم تخلق الجسم الثفني مقارنة ببضع الصِوار للنقل بين النصفين الكرويين تتضح بوجود أن المرضى مع بضع الجسم الثفني المبكر والأطفال مع عدم تخلق الجسم الثفني يظهرون القليل من الأدلة على متلازمة الانفصال في اختبارات النقل بين النصفين الكرويين مع المعلومات اللمسية البسيطة، بينما أظهر المرضى المراهقين والبالغين مع بضع الجسم الثفني عجزا نقليا واضحا. يقترح ذلك أن التَكَّيُفِية العصبية neural plasticity في الأطفال قد تسمح بتعزيز مسارات عصبية بديلة وأن وجود الصِوار الأمامي لوحده قد لا يكفي لتفسير النقل المتبقي بين النصفين الكرويين فى عدم تخلق الجسم الثفني. يظل من غير الواضح لأي مدى تنطوي هذه التكيفية التعويضية على التوظيف الفريد لألياف الصِوار الأمامي.

بالرغم من اختلافهما في التوصيلية الوظيفية بين النصفين الكرويين، يؤدى كلا من بضع الصِوار وعدم تخلق الجسم الثفني إلى خلل القدرة على التفكير في المواقف غير المألوفة المعقدة. تتطلب المواقف الاجتماعية معالجة سريعة للغاية لمعلومات معقدة جدا يتم التعامل معها فى المناطق الجانبية (هذه هى العمليات القرائية والعاطفية) وبالتالي قد تكون حساسة بشكل بارز لشذوذات الجسم الثفني.

يشتمل عدم تخلق الجسم الثفني مدى واسع من التشخيصات. تقترح الدراسات التصويرية الحديثة للولدان وماقبل الولادة أن عدم تخلق الجسم الثفني يحدث على الأقل فى 1:4000 مولود حي، ووجدت الدراسات التصويرية الأخرى أن 3-5 ٪من الأفراد الذين تم تقييمهم لاضطراب عصبي تطوري لديهم عدم تخلق الجسم الثفني.

يحدث عدم تخلق الجسم الثفني التام أو الجزئي نتيجة إخلال المراحل الأولية لتنامي الجسم الثفني، لأسباب قد تكون وراثية، عدوائية، وعائية، أو سامة. قد تنشأ مزيد من التغايرية فى عدم تخلق الجسم الثفني من الشذوذات المصاحبة في الصوار الأمامي anterior commissure. أوردت دراسة حديثة أن الصوار الأمامي كان صغيرا أو غائبا فى 60٪ ، لكنه متضخم فى 10٪ من حالات عدم تخلق الجسم الثفني. ربما توفر الحالات الأخيرة قدرة على فهم تكَيُُفِية الدماغ. حيث اقترح أن الوصلات بين النصفين الكروين في عدم تخلق الجسم الثفني يمكن أن يعاد توجيهها من خلال الصوار الأمامي. يعزز من هذه الفكرة الناتج السريري الأفضل للأفراد ذوي صوار أمامي طبيعي أو ضخم (E.H.S، ملاحظات غير منشورة).

إن مساهمة عدم تخلق الجسم الثفني في فهمنا لوظيفة الجسم الثفني تعقدها التغيرات التشريحية المصاحبة، وتشمل تجُّوف الدماغ colpocephaly و حِزم بروبست Probst bundles. من الممكن أن تكون الفروق المعرفية والسلوكية بين مرضى عدم تخلق الجسم الثفني ومرضى الدماغ المشطور split-brain راجعة لهذه التغيرات التشريحية الأخرى. يشير تجوف الدماغ إلى توسع الناحية الخلفية للبطينين الوحشيين lateral ventricles، ويشمل بصورة متكررة القرون الصدغية. لا يمثل ذلك موه الرأس hydrocephalus، لكن قد يدل على اختزال سبل الترابط القشرية cortical association tracts بنفس الجانب. تُكّوِن حزم بروبست المحاويير الثفنية الموجهة بطريقة شاذة التي تجري موازية للفلح بين النصفين الكرويين، ويمكن ملاحظتها فى حالات عدم تخلق الجسم الثفني الجزئي. مؤخرا تم التعرف على تركيب يسمى الحزمة السينية sigmoid   bundle ضمن حزم بروبست في العديد من حالات عدم تخلق الجسم الثفني الجزئي. يبدو أن هذا السبيل الصِواري الطويل مغاير التوضع يربط الفص الجبهي الأيسر مع القشرة القذالية الصدغية اليمنى.

يمكن أيضا أن تترافق تشوهات دماغية أخرى مع عدم تخلق الجسم الثَّفَني. سجَّلَت دراسة تشريحية لعدم تخلق الجسم الثفني انعدام تصالب السبيل الهرمي، مما يقترح اضطرابا أكثر شمولا لعبور الخط الناصف. يلاحظ هذا الطراز أيضا في كثير من النماذج الحيوانية لعدم تخلق الجسم الثَّفَني. إن كل الشذوذات التشريحية، ومن ضمنها التغيرات في الألياف الصِوارية خارج الجسم الثفني، قد تتسق مع الناتج السريري.