ما هي مخاطر إصابة النساء الحوامل بعدوى كوفيد-١٩؟
منذ شهر ديسمبر ٢٠١٩، أصبح تفشي عدوى مرض فيروس كورونا المستجد عام ٢٠١٩ (كوفيد١٩) تهديد وبائي رئيس في الصين.
في الحادي عشر من فبراير عام ٢٠٢٠، بلغ إجمالي عدد الحالات المؤكد أصابتها بالعدوى في الصين القارية 38800حالة، تماثل للشفاء منها 4740 ( 2·12%) حالة، وتوفي 1113 (2·9%) حالة، بالإضافة إلى ذلك، بقيت16067 حالة مشتبه في إصابتها بالعدوى حتى الآن.
وحالياً قامت كل مقاطعات قارة الصين البالغة ٣١ مقاطعة بتبني تدابير استجابة من المستوى الأول لحالات الطوارئ الصحية العمومية الرئيسة.
ونشرت لجنة الصحة الوطنية الصينية سلسلة من المبادئ التوجيهية حول الوقاية من الالتهاب الرئوي الناتج عن كوفيد-١٩ وتشخيصه وعلاجه، اعتماداً على الأدلة المتزايدة لمسببات المرض المسؤولة عن العدوي بكوفيد ١٩، فضلا عن خصائصه الوبائية، وسماته السريرية، والعلاج الأمثل له.
كما قامت الحكومة المركزية وبعضا من حكومات المقاطعات الأخرى بتوفير المواد الغذائية والإمدادات الطبية، إلى جانب إيفاد مجموعات من الخبراء والفرق الطبية لإدارة ومراقبة تدابير الاستجابة للجائحة في المناطق الأكثر تضررًا (ووهان والمدن المجاورة في مقاطعة هوبي).
مع اتساع رقعة انتشار فيروس “كورونا” المستجد (2019-nCoV) حول العالم،
أصبحت الوقاية من العدوى والسيطرة عليها بين النساء الحوامل، والمخاطر المحتملة لانتقال العدوى عمودياً (انتقال العدوى من الأم مباشرة إلى الجنين في أثناء الحمل أو عند الولادة) مصدر قلق بالغ.
هناك حاجة إلى المزيد من الدلائل لتطوير استراتيجيات وقائية وسريرية فعالة.
قدمت آخر الأبحاث التي قام بها هويجوان تشين وزملائه، والتي نشرت بمجلة ذا لانسيت الدورية، نظرة فاحصة عن الخصائص السريرية، ونتائج الحمل، وانتقال عدوى كوفيد-١٩ المحتملة بين النساء الحوامل.
على الرغم من أن الدراسة قامت بتحليل عدد محدود من الحالات (عينات مأخوذة من 9 سيدات حوامل أصبن بالفيروس)، ففي ظل هذه الظروف الطارئة، تعد النتائج التي توصلت إليها الدراسة ذات قيمة بالغة فيما يخص الممارسات السريرية والوقائية في الصين والمناطق الأخرى.
على الرغم من أنه تم جمع عينات من مسحات أنفية بلعومية لحديثي الولادة في بعض المستشفيات بجميع أنحاء الصين، إلا أن هذه الدراسة أيضاً قامت بجمع وفحص عينات من السائل الأمنيوسي، ودم الحبل السري، وحليب الأم للكشف عن وجود فيروس كورونا 2 المسبِّب لمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم «سارس-كوف-2»، متيحة بذلك تقييماً أكثر تفصيلاً للانتقال العمودي المحتمل لعدوى كوفيد-١٩.
يصنف فيروس «سارس-كوف-2» كسلالة جديدة ضمن الفيروسات التاجية الممرضة للبشر. الى جانب سلالتين بارزتين أخريين وهما سارس-كوف ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ميرس.
توضح دراسة أجرتها العالمة روجيانا لو وزملاؤها أنه بالرغم من أن فيروس «سارس-كوف-2»أقرب في تكوينه الجيني لاثنين من الفيروسات التاجية الشبيهه بالسارس الموجود في الخفاش وهما bat-SL-CoVZC45 و bat-SL-CoVZXC21 (بتطابق في التسلسل الجينومي يصل إلى88٪ تقريبًا)، مقارنةً بـفيروس سارس-كوف-1( بتطابق يصل إلى 79%) وكذلك فيروس ميرس -كوف(بتطابق يصل إلى 50 %)، وقد كشفت النمذجة المقارنة للبروتين أن له بنية مجال مرتبطة بمستقبلات مماثلة لهيكل SARS-CoV-1، مما يشير إلى أن الفيروس المسبب لمرض كوفيد-١٩ قد يكون مشابهاً لذلك المسبب لمرض سارس-كوف-١.
وبالتالي، فإن نسبة خطر الإنتقال العمودي لكوفيد-١٩ قد تكون ضئيلة بقدر ماهي في ساري كوف ١.
ولم تجد الدراسة التي أجراها تشين وزملاؤه أية أدلة على وجود جزيئات سارس-كوف-٢ الفيروسية في الأنسجة المتبقية (نواتج الحمل المتبقية ) أو لدى حديثي الولادة، وفقاً لنتائج الدراسة السابقة التي أجراها وونج وزملاؤه على فيروس سارس كوف ١.
بلغ عدد حالات حديثي الولادة المؤكد إصابتها بكوفيد-١٩ حالتين حتى الآن ، احداهما تأكدت إصابتها بعد ١٧ يوماً من الولادة، وقد كان لها تاريخ اتصال وثيق باثنتين من الحالات المؤكد إصابتها بالعدوى (أم الطفل و ممرضة التوليد)، أما الحالة الأخرى المؤكد إصابتها بالعدوى بعد ٣٦ ساعة من الولادة، والتي لا يمكن استبعاد احتمالية وجود تاريخ اتصال وثيق لها مع حالة مصابة بالعدوى.
ومع ذلك، لا توجد أية أدلة حتى الآن تؤيد إمكانية الانتقال العمودي لعدوى كوفيد-١٩ من الام للطفل.
أوضحت دراسات سابقة أن الإصابة بفيروس سارس أثناء الحمل يصاحبه مضاعفات سلبية تحدث للأم والمولود، مثل الإجهاض التلقائي، والولادة المبكرة، وتأخر نمو الجنين داخل الرحم، والحاجة لإجراء التنبيب الرغامي، ودخول وحدة العناية المركزية، والفشل الكلوي، والتخثر المنتثر في الأوعية الدموية.
تتشابه الخصائص السريرية الواردة في الحالات المؤكد أصابتها بكوفيد-١٩ من النساء الحوامل مع تلك الواردة في النساء البالغات غير الحوامل والمؤكد إصابتهن بكوفيد-١٩ بين عموم السكان، وأيضاً تشير الخصائص السريرية لمرض كوفيد-١٩ إلى مسار سريري ونتائج باعثة على التفائل نسبياً مقارنة بمرض سارس-كوف-١.
غير أنه نظراً لقلة عدد الحالات التي خضعت للتحليل وقصر المدة التي أجريت فيها الدراسة، فإنه لابد من إجراء المزيد من دراسات المتابعة لمواصلة تقييم سلامة وصحة النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة المصابين بمرض كوفيد١٩.
وعلى النحو الذي تم مناقشته في الدراسة، فإن النساء الحوامل أكثر عرضة للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي وتطورها للالتهاب الرئوي الحاد، والذي بدوره قد يجعلهن أكثر عرضة للإصابة بعدوى كوفيد-١٩ مقارنة بغيرهم من عامة الناس، لاسيما ان كن يعانين من أمراض مزمنة أو مضاعفات الولادة.
ومن ثم، فلابد من الأخذ في الاعتبار أن النساء الحوامل والأطفال حديثي الولادة من الفئات الرئيسية المعرضة للخطر عند وضع الاستراتيجيات التي تركز على الوقاية من عدوى كوفيد-١٩ وإدارتها.
استنادًا إلى الأدلة المستقاة من أحدث الدراسات وتوصيات الخبراء، فضلاً عن الخبرات السابقة في الوقاية من السارس ومكافحته ، في 8 فبراير 2020، أعلنت لجنة الصحة الوطنية الصينية إخطاراً جديداً يفيد ان على النساء الحوامل تكثيف الاستشارة الصحية والفحص والمتابعة، والالتزام بأوقات الزيارة والإجراءات اللازمة في عيادات ووحدات التوليد المزودة بمعدات متخصصة في مكافحة العدوى وملابس واقية، كما يؤكد على ضرورة عزل المواليد الجدد للنساء سواء المشتبه أو المؤكد إصابتهن أثناء حملهن بعدوى كوفيد-١٩ في وحدة مخصصة لمدة لا تقل عن 14 يومًا بعد الولادة وتمنع الرضاعة الطبيعية لتجنب الاتصال المباشر مع الأم سواء المشتبه في او الؤكد إصابتها بعدوى كوفيد-١٩.
يتعين علينا مواصلة تعزيز قدرتنا على مواجهة تفشي الأمراض المعدية الناشئة ،وذلك من خلال وضع قوانين ولوائح لمنع ومكافحة انتشار الأمراض المعدية وتجنب بؤر تفشي المرض من التكتلات العائلية والمجتمعية والأماكن العامة الأخرى ، والقيام بذلك بشفافية وتضامن. من المهم أيضًا الإبلاغ عن الأمراض المعدية الناشئة والكشف عنها في الوقت المناسب لتفادي التأخر في الاستجابة لها. وكذلك ينبغي مواصلة إجراءات مكافحة العدوى وإدارتها في المستشفيات والأماكن الأخرى حيث تم عزل العديد من الحالات المؤكدة اصابتها بالعدوى، إلى جانب توفير الملابس والمعدات المتخصصة لحماية المهنيين الطبيين والعاملين الصحيين الآخرين من التعرض المهني لعدوى كوفيد-١٩.
ويرد في التذييل النسخة الصينية لهذا التعليق. ونؤكد على أنه ليس لدينا مصالح متضاربة.
المقال مترجم عن:
What are the risks of COVID-19 infection in pregnant women?
The Lancet, VOLUME 395, ISSUE 10226, P760-762, MARCH 07, 2020
https://www.thelancet.com/journals/lancet/article/PIIS0140-6736(20)30365-2/fulltext
تم تحديث المقال في 3 أكتوبر 2024
مترجمة مهتمة بالمجال الصحي، حاصلة على ليسانس اللغات والترجمة الفورية جامعة الأزهر.